جارٍ تحميل الأخبار العاجلة...
Responsive Advertisement

الأزمة اليمنية: تصعيد حوثي مستمر ومسارات معقدة نحو السلام

صدى الواقع - تقرير: حسين الشدادي


 
في جلسة لمجلس الأمن يوم الأربعاء الماضي، حذر المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، من أن التصعيد العسكري والسياسي في اليمن يعمّق أزمة البلاد ويهدد الاستقرار الإقليمي. التصعيد الحوثي الأخير، المتمثل في الهجمات على البحر الأحمر وضربات ضد أهداف إسرائيلية، دفع إلى ردود دولية من بينها غارات جوية أمريكية وبريطانية وإسرائيلية، مما يعيد اليمن إلى دائرة الاهتمام الدولي ولكن في سياق متوتر إقليميًا ودوليًا.

الهجمات الحوثية: أجندة إيرانية في قلب اليمن

مع تصاعد العمليات الحوثية في البحر الأحمر، أصبح واضحًا أن الجماعة تتجاوز الأبعاد المحلية للصراع لتصبح لاعبًا في المشروع الإيراني الأوسع بالمنطقة. ضربات الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية التي تستهدف البنية التحتية الحيوية، كالحديدة ومطار صنعاء، تؤكد ارتباط الحوثيين بمحور "المقاومة" الذي تدعمه إيران، مما يربط الحرب في اليمن بتوترات إقليمية تشمل إسرائيل ودول الخليج.

هذا التصعيد ليس مفاجئًا، لكنه يأتي في وقت تحذر فيه الأمم المتحدة من أن "اليمن قد يفقد الاستقرار النسبي الذي تحقق منذ هدنة 2022". ومع ذلك، تظل الجماعة الحوثية العقبة الرئيسية أمام جهود السلام، حيث تواصل تعزيز أجندتها العسكرية على حساب الشعب اليمني الذي يعاني من أزمات إنسانية خانقة.

الأزمة الإنسانية: استغلال ممنهج لمعاناة الشعب

في ذات الجلسة، أوضحت جويس مسويا، نائبة منسق الإغاثة الطارئة، أن الهجمات الأخيرة استهدفت البنية التحتية المدنية الحيوية، مما يعمق المعاناة الإنسانية. يعيش نصف سكان اليمن في حالة من انعدام الأمن الغذائي، ويواجه 50% من الأطفال دون سن الخامسة خطر التقزم بسبب سوء التغذية.

المليشيات الحوثية تستغل هذه المعاناة كورقة ضغط سياسي. من منع وصول المساعدات إلى استخدام الأطفال كجنود في جبهات القتال، تسعى الجماعة لتحويل كل أزمة إلى مكسب سياسي، فيما تتحمل النساء والأطفال والنازحون العبء الأكبر من الحرب.

التدهور الاقتصادي وانهيار الدولة

منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء في 2014، شهد اليمن انهيارًا شبه كامل لمؤسساته الاقتصادية. تدهور العملة الوطنية وارتفاع معدلات الفقر والبطالة يُعدّان نتيجة مباشرة لسياسات المليشيات التي نهبت الموارد الوطنية وفرضت الضرائب الجائرة على السكان.

وعلى الرغم من محاولات الحكومة الشرعية للتعامل مع الأزمة الاقتصادية، فإن الانقسامات الداخلية واستمرار الصراع العسكري يعيقان تحقيق تقدم ملموس.

الأبعاد الإقليمية والدولية للأزمة

مع اشتداد التصعيد، أصبحت الأزمة اليمنية أكثر تعقيدًا بسبب تدخلات القوى الدولية والإقليمية. التحالف العربي بقيادة السعودية يسعى لدعم الشرعية اليمنية، بينما تعزز إيران دعمها للحوثيين. تدخلات قوى دولية، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، جاءت كرد فعل على التهديدات الحوثية للملاحة الدولية في البحر الأحمر والهجمات المتزايدة ضد إسرائيل.

تصعيد المليشيات الحوثية في هذا السياق يعكس محاولة إيران استغلال اليمن كورقة ضغط في مواجهتها مع إسرائيل والولايات المتحدة. هذا الربط بين الصراع اليمني والقضايا الإقليمية يحول دون التوصل إلى حلول سلمية قريبة.

دور المجتمع الدولي: رسائل حازمة ولكن غير كافية

رغم الجهود الأممية الرامية لخفض التصعيد، فإن الرسائل المتكررة للأمم المتحدة لا تزال تفتقر إلى التنفيذ العملي. الدعوات إلى الحوار السياسي ومشاركة جميع الأطراف تُقابل بتعنت حوثي واضح، حيث يرفض قادة الجماعة تنفيذ أي اتفاق لا يخدم مصالحهم.

ومع ذلك، فإن تحذيرات غروندبرغ من مخاطر الحسابات الخاطئة وتكرار الدعوة إلى تفعيل التسوية السياسية، تعكس إدراكًا متزايدًا بأن استمرار الصراع سيقوض أي فرصة للسلام.

سبل الحل: ملامح الطريق نحو السلام

ضغط دولي وإقليمي: يجب على المجتمع الدولي اتخاذ مواقف أكثر حزمًا ضد المليشيات الحوثية، بما في ذلك فرض عقوبات مشددة على قياداتها وداعميها.

دعم الحكومة الشرعية: يتطلب استقرار اليمن تعزيز دور الحكومة الشرعية ودعم القوات المسلحة لتحرير المناطق التي تسيطر عليها المليشيات.

حل إنساني شامل: يجب ضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، مع التركيز على تحسين الأوضاع الاقتصادية والصحية.

حوار يمني شامل: لا بد من إشراك جميع القوى الوطنية، بما في ذلك الشباب والنساء، في عملية سياسية تضمن بناء دولة ديمقراطية ومستقرة.

الأزمة اليمنية ليست مجرد قضية محلية، بل هي جزء من معادلة إقليمية ودولية شديدة التعقيد. استمرار المليشيات الحوثية في تنفيذ أجندات إيران، وتجاهلها للمعاناة الإنسانية التي تسببها، يجعل من الصعب تحقيق سلام مستدام.

ومع ذلك، فإن الأمل لا يزال قائمًا في إرادة يمنية ودولية قوية لتفكيك هذا المشروع الطائفي، وبناء يمن جديد يسوده السلام والعدالة والاستقرار.


Post a Comment

أحدث أقدم