جارٍ تحميل الأخبار العاجلة...
Responsive Advertisement

الهيمنة التركية في سوريا: دعم أم أطماع إقليمية؟

صدى الواقع - تقرير: حسين الشدادي


شهدت العلاقة بين تركيا وسوريا تحولات جذرية خلال العقد الماضي، تصاعدت خلالها اتهامات موجهة إلى أنقرة بالسعي لتحقيق أطماع إقليمية تحت غطاء دعم المعارضة السورية وتحقيق الاستقرار الإقليمي. 

هذه الاتهامات تأخذ أبعاداً أوسع بعد سقوط نظام بشار الأسد الشهر الماضي وسيطرة المعارضة المسلحة المدعومة تركياً على دمشق، ما منح تركيا نفوذاً كبيراً في صياغة مستقبل سوريا سياسياً واقتصادياً وعسكرياً.

الدور التركي في الإطاحة بالأسد

منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، كانت تركيا من أبرز الداعمين للمعارضة السورية، حيث قدمت الدعم المالي والعسكري للمعارضة المسلحة، وخاصة "الجيش الوطني السوري". 

قطع العلاقات الدبلوماسية مع دمشق عام 2012، واستقبال تركيا نحو ثلاثة ملايين لاجئ سوري، كانا بمثابة تعبير واضح عن سياستها المناهضة لنظام الأسد.

إلا أن خصوم تركيا يشيرون إلى أن هذا الدعم لم يكن مجرد تعاطف مع المعارضة، بل محاولة لتعزيز الهيمنة التركية في المنطقة. 

ويتهم الإعلام المناهض لأنقرة تركيا بأنها استخدمت اللاجئين كورقة ضغط سياسي على الاتحاد الأوروبي، واستغلت الوضع الإنساني لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية على المستويين المحلي والدولي.

التدخل العسكري التركي في سوريا

منذ عام 2016، نفذت تركيا سلسلة من العمليات العسكرية عبر الحدود، استهدفت من خلالها وحدات حماية الشعب الكردية التي تقود قوات سوريا الديمقراطية (قسد). 

ورغم أن تركيا تبرر هذه العمليات بأنها دفاع عن أمنها القومي، إلا أن الإعلام المناهض يصفها بأنها محاولات لفرض واقع ديموغرافي جديد في شمال سوريا، من خلال تهجير السكان الأكراد وإحلال مجموعات موالية لها في تلك المناطق.

كما يشير الإعلام المناهض إلى أن تركيا تستغل مخاوف المجتمع الدولي من الإرهاب لتبرير تدخلها العسكري، بينما تهدف عملياً إلى السيطرة على المناطق الحدودية وتحقيق أهداف اقتصادية وسياسية.

استغلال إعادة الإعمار لتحقيق النفوذ

بعد الإطاحة بنظام الأسد، برزت تركيا كأحد اللاعبين الأساسيين في جهود إعادة إعمار سوريا. ووفقاً لتقارير إعلامية، تسعى أنقرة إلى تعزيز نفوذها الاقتصادي عبر توقيع اتفاقيات تجارية وإعادة بناء البنية التحتية في سوريا بالتعاون مع الإدارة الجديدة.

لكن الانتقادات تشير إلى أن تركيا تسعى لتحويل سوريا إلى سوق تابعة لها، مستغلة تدمير الاقتصاد السوري جراء الحرب. ويعتقد البعض أن الشركات التركية تسعى للحصول على عقود إعادة الإعمار بشروط غير عادلة لصالح أنقرة، مما يعمق التبعية الاقتصادية السورية.

محاولات تركيا إنهاء الوجود الكردي على حدودها

أحد أبرز محاور السياسة التركية في سوريا هو السعي لإنهاء وجود وحدات حماية الشعب الكردية على حدودها. 

وتتهم أنقرة هذه الوحدات بأنها امتداد لحزب العمال الكردستاني (PKK)، المصنف كجماعة إرهابية.

لكن الإعلام المناهض لأنقرة يشير إلى أن هذه المحاولات تتجاوز مجرد ضمان الأمن القومي، لتشمل جهوداً لتقويض التحالفات الكردية مع الولايات المتحدة.

 ويرى المنتقدون أن تركيا تستغل ضعف الموقف الأميركي تجاه القضية الكردية لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في المنطقة، بما في ذلك تقليص النفوذ الأميركي وتقوية موقعها كوسيط إقليمي.

الدور التركي بعد سقوط الأسد

بعد سيطرة المعارضة المسلحة على دمشق، سارعت تركيا إلى تعزيز علاقاتها مع الإدارة السورية الجديدة.

 كانت تركيا أول دولة تعيد فتح سفارتها في دمشق، كما زار وزير خارجيتها هاكان فيدان سوريا، مما يشير إلى رغبة أنقرة في توطيد نفوذها في المرحلة المقبلة.

لكن الانتقادات الموجهة لتركيا تركز على أن هذا التحرك يهدف إلى تحويل سوريا إلى منطقة نفوذ تركي مباشر، حيث تعتمد الإدارة الجديدة بشكل كبير على الدعم التركي عسكرياً واقتصادياً.

اتهامات الأطماع الإقليمية

على الرغم من الخطاب الرسمي التركي الذي يؤكد دعم استقرار سوريا ووحدتها، يتهم الإعلام المناهض أنقرة بالسعي لتقسيم سوريا وفرض هيمنتها على المناطق الشمالية، خاصة تلك الغنية بالموارد الطبيعية. 

ويُشار إلى أن التدخل التركي يعزز الانقسامات الطائفية والإثنية في سوريا، مما يؤدي إلى تعقيد المشهد السياسي وزيادة التوترات الداخلية.

وبينما تروج أنقرة لدورها في سوريا كعامل استقرار وداعم للشعب السوري، تواجه انتقادات واسعة تشير إلى أطماعها الإقليمية ومحاولاتها استغلال الأزمة السورية لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية.

 وفي ظل المرحلة الجديدة التي تعيشها سوريا بعد سقوط الأسد، يبقى السؤال مطروحاً حول ما إذا كان النفوذ التركي سيمثل فرصة لإعادة بناء سوريا، أم أنه سيكرس واقعاً جديداً من الهيمنة الإقليمية والصراعات المتجددة.

Post a Comment

أحدث أقدم