جارٍ تحميل الأخبار العاجلة...
Responsive Advertisement

حين يبكي القلم دماً

صدى الواقع اليمني - كتب : رأفت المـليـكـي


Published from Blogger Prime Android App



كيف أكتب؟ وكيف أصوغ حرفًا، وأرض غزة ما زالت تنزف، والدم لا يجد ما يغسله سوى المزيد من الدمع؟ كيف أستدعي اللغة، وهي مختنقة بصراخ الأطفال؟ من أين أبدأ؟ من صمت العالم الأبكم؟. 

فقد خجلت من نفسي، ومن كل العرب حولي، حين سال دم طفل فلسطيني كجريان النهر، وقلت: أين نحن؟ ثم سألت نفسي: من نحن؟ أعرب نحن؟ أم أننا غيّرنا الوطن، وبعنا الأرض، وصِرنا بلا هوية؟ هناك، أم ترثي أبناءها، وهنا، نحن نأئمون.. نائمون كأننا جماد. 

أب يحمل أشلاء ابنته، ونحن نحمل شوكولا الغرب، ونترضع حليب الغرب، ونلابس ثياب الغرب، وندعو للفلسطينيين، ونقول لهم: “جاهدوا”. لكن، هل يجدي الكلام؟ والدم الطاهر هناك يجري في كل مكان، والبراءة تسلب حريتها دون إنذار. خجلت من نفسي ومن كل العرب حولي.

كيف أكتب واراء عيون الطفلة التي احترقت وهي تحضن دميتها؟ أم من قلب أمٍّ تفتت وهي تجمع أشلاء رضيعها من تحت الركام؟ ونجد عالم يشاهد، وعالم يسجل، وعالم يعدّ الجثث، ثم يمضي ليشرب قهوته بهدوء. لم تهتز شعرة في رأس عربي، ولم ترجف يد حاكم، حتى لم يخجل التاريخ من نفسه.

الأطفال يُذبحون، ليس مجازًا، بل حقيقة دامغة، يحرقون أحياء،تحت ضوء الشمس، وعلى مرأى القمر، ولا أحد يوقف السكين. يا قلمي، لا تكتب اليوم شعراً، اكتب لائحة اتهام ضد الصمت، ضد الخوف، ضد خيانة العروبة لنفسها.

أكتب يقلم على مواقع التواصل الاجتماعي بأن غزة تباد، أكتب يقلم بأن الإسلام اليوم يشبه الكنز في يد البخيل، أكتب يقلم على جدران المدارس أن الشعب العربي صامت، بوح يقلم على تلك النيران المشتعلة في جسدي دون توقف، كيف أكتب وقد أنزف القلم وجعان على الضلام الحاصل في غزة. 

إنشر ي مذيع وإنقل وإتحدث، بأن أمة رسول الله. قد خانات فلسطين دون سبب، اخطب ي إمام على منابر بالمساجد بأن المسلمين سكتين على الابادة الجماعية الحاصلة في غزة، علاق ي جمهور على موقع التواصل الاجتماعي بأن إسرائيل أبادات أطفال غزة، أتحدث وصيح دون سكوت بأن فلسطين واقفة وحدها ولان تركع مهما كان الألم متواجد. 

أكتب على جدران القلب: غزة لا تنزف وحدها، بل نحن الذين فقدنا دمنا، حين خنا وجعها، وسكتنا على تلك الجرائم، والمجازر البشيعة المرتكبة بحق أطفال غزة، أكتب ياقلم على العروبة، والعرب أن قد تغيرت على مكان عليه في امة محمد.

Post a Comment

أحدث أقدم