جارٍ تحميل الأخبار العاجلة...
Responsive Advertisement

قرارات رئاسية تعزز سلطة القبيلة وتستحدث مناطق عسكرية في معاقل الحوثيين: تغييب للدولة وتكريس للفوضى المؤسسية

صدى الواقع اليمني - تقرير: حسين الشدادي

Published from Blogger Prime Android App
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والمجتمعية، أصدر مجلس القيادة الرئاسي اليمني مؤخرًا قرارات تقضي بتعيين محمد فضل الشاعري مديرًا لمصلحة شؤون القبائل في محافظة تعز، إلى جانب استحداث منطقة عسكرية جديدة تُعرف بالمنطقة العسكرية الثامنة، تشمل محافظات إب وذمار والبيضاء، وهي مناطق تقع في الأصل تحت سيطرة جماعة الحوثي المسلحة.

ويرى مراقبون أن تعيين الشاعري في منصب مستحدث يعزز من سلطة القبيلة على حساب مؤسسات الدولة، ما يُعد تراجعًا خطيرًا عن مسار بناء الدولة المدنية، ويقرب الشرعية من النموذج الحوثي الذي رسّخ سلطة الجماعة والطائفة والمليشيا على حساب مؤسسات الدولة الدستورية.

القبيلة تحل محل الدولة


يثير تعيين مسؤول قبلي في محافظة تعز – التي طالما عُرفت بثقافتها المدنية ونشاطها السياسي والنقابي – مخاوف من تعميم النموذج القبلي على مناطق يفترض أن تكون رافعة لمشروع الدولة المدنية. ويُخشى أن يكون هذا التوجه جزءًا من سياسة جديدة تهدف إلى تمييع مؤسسات الدولة لصالح هياكل موازية، كما تفعل جماعة الحوثي في صنعاء ومناطق سيطرتها، حيث تُهمَّش مؤسسات الدولة لصالح المشرفين والأعيان والقيادات المرتبطة بالمليشيا.

منطقة عسكرية في قلب الحوثيين


في تطور عسكري موازٍ، أصدر المجلس الرئاسي قرارًا بإنشاء "المنطقة العسكرية الثامنة" لتشمل محافظات إب وذمار والبيضاء، وهي مناطق خارجة كليًا عن سيطرة الشرعية. وقد عُيِّن العميد الركن هادي أحمد مسعد العولقي قائدًا لها، ورُقِّي إلى رتبة لواء، فيما عُيِّن العميد الركن عادل صالح الشيبة أركان حرب للمنطقة. ومن المقرر أن تكون قيادة المنطقة متمركزة في مديرية قعطبة بمحافظة الضالع.

ورغم ما قد يبدو من ظاهر القرار كخطوة تنظيمية، إلا أن المراقبين يعتبرونه قرارًا شكليًا يفتقر للواقعية، نظرًا لكون المناطق التي تشملها هذه المنطقة العسكرية لا تزال تحت سيطرة الحوثيين، ما يجعل القرار أقرب إلى محاولة تسويق انتصارات وهمية وتضخيم بنية عسكرية على الورق.

انقسام عسكري جنوبًا وتجميد الجبهات شمالاً


في السياق ذاته، يدفع المجلس الانتقالي الجنوبي باتجاه فصل محافظة شبوة عسكريًا عن مأرب، واعتمادها منطقة عسكرية مستقلة. هذا التوجه، بحسب مراقبين، يُفاقم من حالة التشظي والانقسام داخل المؤسسة العسكرية، في وقت تتوقف فيه العمليات العسكرية كليًا ضد جماعة الحوثي، ويقتصر وجود الجيش الوطني على التمركز في مواقع ثابتة دون تحرك يُذكر منذ اتفاق الهدنة الهشة.

رواتب بالدولار.. ومسؤولون خارج الوطن


في المقابل، يعيش المواطن اليمني أوضاعًا معيشية واقتصادية غاية في الصعوبة، مع تدهور غير مسبوق لسعر صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية، وانهيار شامل للخدمات الأساسية، في حين تُصرف رواتب ومخصصات المسؤولين بالدولار الأمريكي خارج الوطن، وسط تزايد المحسوبية وتوزيع المناصب على أشخاص لا يمتلكون مؤهلات حقيقية ولا يعودون إلى البلاد حتى في الإجازات الرسمية.

خلاصة المشهد تعكس هذه السياسات المتضاربة واقعًا مأزومًا تعيشه مؤسسات الشرعية اليمنية، حيث تُستنسخ نماذج الفوضى المؤسسية من مناطق المليشيا، وتُمنح الهياكل القبلية والعسكرية أولوية على حساب الدولة، في وقت يستمر فيه المواطن في دفع ثمن هذا الانهيار على كل الأصعدة.



Post a Comment

أحدث أقدم