صدى الواقع اليمني – كتب: محمد السفياني
لم يعد ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط – بصورة عامة – أو حتى ما يحدث في البحر الأحمر خبرًا يخص المنطقة فقط، أو بعض الدول التي تمتلك مصالح كبرى فيها، بل أصبحت أخبار الشرق الأوسط تتصدر أخبار العالم الرئيسة، في حين أضحت أخبار المناطق الأخرى ثانوية.
وفي الوقت الذي تتزايد فيه احتجاجات دول العالم على ما يرتكبه نتنياهو وجيشه من جرائم إبادة ومذابح وقتل يومي بحق الشعب الفلسطيني في غزة، وكيف يتم تنفيذ إبادة جماعية يومية وفرض حصار قاتل، بل أصبحوا يمنعون كل شيء عن الفلسطينيين في غزة، ومنعوا أبسط وسائل الحياة، بل إن ثمن المساعدات الإنسانية أصبح مجموعة من الفلسطينيين تُقدَّم قرابين عند كل مساعدة تُمنح للبقية.
كل هذا يحدث وأمريكا تصدر وعودًا كاذبة بأن اتفاق سلام ووقف حرب سيتم في غزة بين حماس وإسرائيل، بينما الأخيرة كل ساعة تخرج بمشاريع إجرامية جديدة في الضفة ولبنان وتارة في سوريا. بل خاضت أمريكا حربًا في إيران لا ندري آخر نتائجها، حيث نفّذت إسرائيل عدوانًا على إيران وتدخلت أمريكا، وبين جلسات الحوار وسوء الأخبار وعدم وضوح الصور، ينذر الوضع بانفجار، ولا تزال رعود الحرب مستمرة إعلاميًا.
أما ما يحدث في البحر الأحمر، فإن صواريخ صنعاء تُغرق سفن إسرائيل، فيما يتمسك ترامب باتفاق “أخضر” مع قوات صنعاء لاستمرار عبور سفنه بأمان، بينما يتوعّد نتنياهو وجيشه بشن عدوان على اليمن.
السؤال: لماذا لا تُلزم أمريكا وبريطانيا إسرائيل بوقف حربها وجرائمها على شعب غزة؟ وماذا تستفيد أمريكا من حرب منطقة الشرق الأوسط؟ ولماذا تصمت أمريكا على إغراق السفن الإسرائيلية؟
نقول: إن استراتيجية أمريكا وبريطانيا هي دعم مواصلة الحروب في منطقة الشرق الأوسط والتحكم في طرق التجارة البحرية من أجل زيادة الأقساط في التأمين على السفن وعلى البضائع المنقولة بحرًا. وهذا أولًا يُمثّل إيرادًا للدولتين، وهو ما سيرفع من أسعار السلع الصينية ويُسبب انكماش الاقتصاد الصيني.
ومن العجيب أيضًا أن تشكو ألمانيا من غواصة صينية، بأنها – أي الغواصة – وجّهت ليزرًا أخضر نحو إحدى طائراتها في البحر الأحمر.
لذا، يتساءل الساسة والعسكريون: ما الذي يدور في البحر الأحمر؟ وما حجم الصراع القائم بين الدول العظمى؟ وإلى متى ستستمر حرب منطقة الشرق الأوسط؟ وهل سينكمش الاقتصاد الصيني أم سينمو بآليات أخرى، بينما الاقتصاد الأمريكي سيشهد انكماشًا أكبر، وستُمنى كل من أمريكا وبريطانيا بانهيارات اقتصادية، ما قد يجعل أمريكا توجّه ضربات مُحرقة لعدد من الدول الواقعة في الحلف الروسي والصيني.
فهل ستُقدِّم روسيا والصين لحلفائهما ما يحميهم من ضربات أمريكا وبريطانيا وإسرائيل؟ وهل سيكون الدعم لحلفائهما بما يضمن حق الردع؟ أم سنظل نحتفظ بـ “حق الرد”؟
مع أن علاقة ترامب وبوتين لا تزال غامضة جدًا، وهو شك يُساور الأوروبيين والأمريكيين، لذا عمد الحزب الجمهوري إلى تبني عقوبات جديدة على روسيا وتفويض أكبر لترامب، وهي ما سيعلنها ترامب بعد يومين، لكنها – أي العقوبات – مرتبطة بترامب نفسه.
الشكوك ذاتها حول هذه العلاقة تُساور الصين تجاه بوتين، منذ الاجتماع المغلق الذي جمع قائد البيت الأبيض بقائد الكرملين، والذي حتى اليوم لا يعرف تفاصيله سوى الشخصين فقط، وهو أمر مقلق لحلفائهما وربما للعالم.