صدى الواقع اليمني – كتب : محمد محمد السفياني

الدهدهة في اللغة تعني: الدحرجة والاضطراب السريع القابل للسقوط، وفي المعجم يُطلق على الناقة كبيرة السن التي يكون في مشيها قرب من السقوط والدهدهة امرأة ذات حيلة ودهاء، أحبت قيلاً يمانياً وتزوجته، ولكنها كانت كثيرة المشاكل مع قوم هذا القيل، وتجلب الحروب المتواصلة، فكان من القيل أن طلقها. فتزوجت من قيل آخر، وظلت تُحرّض القبائل ضد قبيلة القيل الأول. وكان الناس يدهدهها العوام، فيصدقونها، وأشعلت حروباً متواصلة. توفي القيل اليماني الذي طلقها، وقد تزوجت بأربعة أقيال، وهي لا تزال تُحرّض الناس على القيل الأول.

وهكذا هو حال خالة جسّاس: البسوس بنت المنقذ، مالكة ناقة البسوس التي أشعلت حرب الأربعين عاماً بين قبيلتي تغلب وبكر، وقاد المهلهل (الزير سالم) قبيلة تغلب ثأراً لمقتل أخيه كليب على يد جسّاس بن مرة البكري، ولم تضع الحرب أوزارها إلا بعد أن قتل المهلهل جسّاس بعد أربعين عاماً.

اليمن الآن لنا 25 عاماً، ربع قرن من الزمن، قُتل ومات أناسٌ كُثر، ولا تزال الدهدهة والبسوس “تدهده” و”تبسبس” للحرب بين اليمنيين، حتى وصل راتب الموظف إمّا بقيمة دَبّة ماء أو بدَبّة بترول، وكل الذين أشعلوا الحرب إما في فنادق الخارج، أو مسؤولون على جباية المواطنين في الداخل. وكلما عزمنا الأمل على تجاوز الحرب، ظهرت الدهدهة بفستانٍ جديد، تَكيل التُّهم للقيل الأول (كليب) رغم أن كليب قد قُتل!

المشكلة أن العوام يمضون وراء هذه الدهدهة ويرددون تعليماتها في وسائل التواصل الاجتماعي (هايد بارك)! قد يقول البعض: سوق عكاظ؟ أقول لا، كان الناس في سوق عكاظ على قدر من القيم والأخلاق النبيلة.

لذا على اليمنيين فهم الآتي:

أولاً: عدم ترديد التُّهم المُغلّفة على الآخرين دون فتحها ومعرفة محتواها، والحكم وفق معلومات يقينية.
ثانياً: يجب أن يعرف كل يمني أن له في هذا الوطن ما هو لغيره، وأن الجميع أفراد من الشعب، وليس الشعب جزءًا من الأفراد.
ثالثاً: العمل والعدل وتقديم الخدمات للشعب هي المعيار في الحكم على الحُكّام.
رابعاً: نبذ التعصبات المذهبية والمناطقية والطائفية والسياسية، والالتزام بقول الصدق أو الصمت؛ فإذا كنت غير قادر على مواجهة الظالم، فلا تُعاونه على ظلم الآخرين.

هذا هو دور الشعب، وهذا واجب الكاتب في خلق وعي جمعي موحّد، حتى يستطيع الشعب التفاعل والإسهام في التصدّي لكل المشاريع التي تسعى إلى تدميره.
فهل من مُدَّكِر؟

🔗 رابط مختصر:

اترك رد