صدى الواقع اليمني – كتب : حسين الشدادي

في هذه الحرب اليمنية اللعينة، لسنا سوى وقودٍ لها نحن الجنود والبسطاء، ضحايا عبث القادة، وكباش فداء في صفقات الساسة.

في الأمس القريب، أعلنت “الشرعية” الهزيلة المرتجفة أنها ألقت القبض على القيادي الحوثي محمد أحمد الزايدي، والوزير في حكومة الانقلاب هشام شرف. ثم، وبدون أدنى بيان أو توضيح، أطلقت سراحهما! ونحن نعلم علم اليقين أنها انحنت تحت وطأة تهديدات الحوثيين، ورضخت أمام نكف القبيلة، لتنكشف حقيقة الدولة التي ننوء تحتها، فإذا بها ليست جبل الحرية، بل كومة تراب تعبث بها رياح النفوذ والذل.

وإن كانت قد قبضت على هؤلاء لِتُفرِج عنهم بعد أيام، فلِمَ تعرّض جنودنا وضباطنا، وفي مقدّمتهم العميد عبدالله زايد، للموت أثناء عملية اعتقالهم من حراسة الشيخ الحوثي النافذ؟!

نعلم جميعًا أن قيادات حوثية، بل كبارهم، يتنقّلون في مناطق سيطرة الشرعية منذ بداية الحرب بكل حرية، مدعومين بوساطات ومعارف نافذين من داخل الشرعية ذاتها. وفي الوقت ذاته، تُعلن هذه الشرعية الكاذبة – كعادتها – أنها ضبطت خلايا حوثية هنا أو هناك، في الساحل الغربي، أو في تعز، أو مأرب. وكلها مسرحيات هزيلة وأكاذيب لا تنطلي على أحد.

قبل عام، أُلقي القبض على شقيقي وآخرين من أبناء منطقتي عند عودتهم من الحوبان. موظفون عاديون، لا صلة لهم بالحوثيين لا من قريب ولا من بعيد، لم يلتقِ أحدهم بحوثي في حياته. ومع ذلك، زُجّ بهم في سجون الاستخبارات العسكرية في تعز، بتهمة تشكيل خلية حوثية! وبعد أشهر من التعذيب والإذلال، تم الإفراج عنهم بالضمان، بعدما تبيّن براءتهم.

وأنا، قبل أربع سنوات، كنت مديرًا للمركز الإعلامي في أحد ألوية الجيش الوطني على الجبهات الحدودية. خمس سنوات من العمل والتفاني والتضحية، دخلت فيها خطوط النار بلا أدوات سلامة، وبراتب زهيد لا يسد الرمق. ثم فوجئتُ بتهمة: “حوثي”! فقط لأن أحدهم كتب بلاغًا كيديًا. سُجنت، وعُذبت، وأُهنت، لأشهر طوال، ثم خرجت أخيرًا، بعدما تأكدوا أن البلاغ كان افتراءً، وأنني بريء. لكن آثار السجن والتعذيب ما زالت تسكن جسدي وروحي حتى اليوم.

وكم من الأبرياء، مثلنا، عانوا ذات المصير؛ اعتُقلوا، وعُذّبوا، ولُفّقت لهم التهم بأنهم حوثيون، بينما هم لا يملكون إلا قلوبًا يملؤها الإيمان بالجمهورية والعدالة. وفي المقابل، حين وقعت قيادات حوثية حقيقية بيد الشرعية، لم تُمسّ بسوء، بل أُكرمت وأُطلقت سراحها كأنها ضيوف لا أسرى حرب!

فأي شرعية هذه التي يُطلب منا أن نموت لأجلها؟! وأي “وطن” ذاك الذي نُسفك دمه تحت رايته؟! إنها شرعية رخوة، خائنة، يقودها رجال باعوا شرف الجمهورية في سوق المصالح، بل فيهم من هو أكثر حوثيةً من عبدالملك الحوثي نفسه!

نعم، على رأس هذه الشرعية تقف ذئاب تتقن لبس جلود الحملان، لا تختلف عن الحوثي إلا في الشعار، أما الفعل، فواحد!

🔗 رابط مختصر:

اترك رد