صدى الواقع اليمني – خالد الريمي
في الوقت الذي يقدّم فيه أبطال الجيش أرواحهم فداءً للوطن وكرامة الشعب، يطفو على سطح المشهد السياسي اليوم أولئك الذين اختاروا بالأمس القريب الحياد المريب، عندما كانت المليشيات الانقلابية تعبث بالدولة وتذبح الجمهورية أمام أعين الجميع.
صمتوا حين كان الوطن يستغيث، وتخاذلوا عندما كان الموقف يتطلب شجاعة ووضوحًا، واليوم، يتصدرون المشهد بكل وقاحة، ويتحدثون زورًا باسم الدولة والقانون، في مشهد عبثي لا يخلو من الخيانة المقنّعة.
هؤلاء ليسوا سوى أدوات لتمزيق الصف الوطني، ينخرون جسد الدولة من الداخل، ويعملون – بوعي أو بغيره – لصالح أعداء الجمهورية، مستهدفين المؤسسة العسكرية التي لا تزال تقف كآخر معاقل الكرامة في هذا الوطن الجريح.
لم يعد خافيًا أن بعض من يتربعون على رأس السلطة اليوم، هم ذاتهم من ارتدوا عباءة الحياد المضلّل بالأمس، ليعودوا اليوم بدور تخريبي جديد.. أن تبكي الدولة على ضعفها بأصوات من ساهموا في إضعافها، فذلك قمة النفاق السياسي والانحدار الأخلاقي، وأن ترفع شعارات الجمهورية من قِبل من خذلوها في أحلك لحظاتها، فهذه مأساة وطن لا يُنصف أبطاله.
في جبهات تعز، حيث الرجال يثبتون منذ أكثر من عشر سنوات، يرابطون بأجسادهم في الخنادق، يدافعون عن تراب الجمهورية، يُدفنون بصمت، ويُنسَون عمدًا.. بينما أنتم ترفلون في القصور، تخططون للفشل، وتديرون ظهوركم لأشرف من في هذا الوطن.
الخذلان لم يعد مجرد تقصير بل صار جريمة متعمّدة، وعارًا وطنيًا، وانكشافًا مخزيًا لقيادة لا تؤمن بقضية، ولا تتحمّل مسؤولية.. أين أنتم من جبهات تنزف كل يوم دمًا في سبيل الدولة التي تدّعون تمثيلها؟ هل تنتظرون سقوط تعز كي “تتحركوا”؟ هل ترون تعز ورقة تفاوض أم مدينة تُنحر يوميًا؟!.
نقولها بلا مواربة: أنتم المسؤولون المباشرون عن كل نقطة دم تسيل في جبهات بلا دعم.. أنتم من خذل الجيش، وأنتم من خذل تعز، وأنتم من فرّط بالجمهورية.. وإن لم تكونوا قادرين على تحمّل المسؤولية، فرحيلكم أقلّ الضررين.. فلا خير في قيادة لا تخجل من خيانة الأوفياء.
نطالب لا نرجو: (صرف الرواتب فورًا دون تأخير، وتوفير الدعم الكامل للجبهات” تموين – علاج – ذخائر”، وتسوية أوضاع جميع المرابطين الذين يحملون السلاح دفاعًا عن ما تبقى من الدولة.
كفى صمتًا.. كفى خذلانًا.. ولتعلموا: الأوطان لا تُبنى بالحياد، ولا تُحمى بالخطابات، بل بالرجال الذين لا يساومون على شرف الموقف.