صدى الواقع اليمني – كتب: حميد التماري
عشر سنوات من الدماء والدمار، عشر سنوات من المعاناة والتشريد والانقلاب الحوثي، عشر سنوات كاملة والشعب يقاتل ويدفع الثمن بينما الاحزاب اليمنية لم تقدم شيئا سوى الخيبة والانقسام والخذلان. الاحزاب التي كان يفترض ان تكون عصب المعركة الوطنية ضد الانقلاب تحولت الى عبء ثقيل على كاهل الدولة والجمهورية، بل تفرغت لصراعاتها الداخلية وتلهت بالمناصب وتقاسمت الغنائم الوهمية فيما الحوثي يرسخ مشروعه السلالي في عقول الجيل الصاعد ويمزق ما تبقى من الوطن.
الادهى من كل ذلك ان هذه الاحزاب البائسة لا تزال تحتفل كل عام بذكرى تأسيسها، فتقيم المهرجانات والخطابات والرقص على جراح اليمنيين وكأنها انجزت المعجزات… اي وقاحة اكبر من ان تجتمع قياداتها في قاعات مجهزة للاحتفال بتاريخها الفاشل بينما الوطن ينزف والجبهات تعج بالتضحيات، والشعب يغرق في الازمات … يحتفلون بسنوات من الفشل ويتباهون بكيانات لم تجلب للوطن الا الخراب.. الامر لا يعنيهم وكأن دماء الشهداء وصوت المعاناة في الشارع مجرد خلفية باهتة لمسرحياتهم الحزبية.
لقد اثبتت هذه الاحزاب انها ليست سوى ادوات عاجزة عن انتاج مشروع وطني، وعاجزة عن توحيد الصف، وعاجزة حتى عن مواجهة نفسها وكلما زاد ضعفها وتشرذمها كلما زادت قوة الحوثي وتمدد نفوذه.
ان غياب المشروع الوطني الواحد هو الجريمة الكبرى التي ارتكبتها الاحزاب فلو امتلكت هذه الكيانات رؤية موحدة تنطلق من دستور الدولة وقوانينها لكان بإمكانها ان تذكي الجماهير بعقيدة وطنية قتالية صلبة تجمع اليمنيين بكل انتماءاتهم وتوجهاتهم وتوحدهم تحت راية الجمهورية وتعيد لهم ثقتهم بالدولة لكن ما حدث هو العكس تماما احزاب ممزقة شعارات جوفاء وخطاب فارغ لا يلامس وجع الناس ولا معركة الوطن.
بعد عشر سنوات لا يمكن ان نخدع انفسنا الاحزاب اليمنية لم تكن يوما على قدر المسؤولية بل ان بعضها كان غطاء للفساد والارتزاق وبعضها الآخر صار خنجرا في خاصرة الوطن والبقية تقاعست حتى تحولت الى جثث سياسية هامدة. ولذلك فان الخلاص لن يكون بانتظار صحوة هذه الاحزاب الميتة بل بفرض مشروع وطني جامع يلتف حوله الشعب ويستمد قوته من تضحيات المقاتلين واحلام البسطاء لا من الاعيب الساسة وتجار الحروب…
ان معركة استعادة الدولة تحتاج الى صوت وطني صارخ والى ارادة جماهيرية موحدة لا الى احزاب بائسة تقتات من فتات الخارج وتعيش على انقاض الداخل.
إن الشعب اليوم يرى الحقيقة بوضوح فمن يقاتل في الجبهات اليوم تحت ازيز الرصاص وتقلب التضاريص وشدة وعورتها واختلافها هم ابناء الوطن المخلصون فقط لا الاحزاب ولا قياداتها المترفة التي اعتادت التنقل بين العواصم والفنادق..