صدى الواقع اليمني – كتب: حسين الشدادي
منذ قرون، ترسخت في الوعي الجمعي للمسلمين فكرة أن الماء المقروء عليه القرآن يمكن أن يشفي الأمراض المستعصية ف تناقل الناس على مدى أزمة طويلة القصص عن حالات شفاء معجزة تمت ببركة تلاوة القرآن على الماء حتى أصبحت هذه الروايات جزءاً من الموروث الإسلامي، لا تُناقش بقدر ما تُقدَّس.
لكن في العصر الحديث قامت مراكز بحثية متقدمة ب عمليات تحقق علمي، و وجدت أن المسألة حقيقية بالكامل تخيل أن مراكز بحثية أمريكية في يناير العام الماضي درست تأثير تلاوة القرآن على قنينة مياه، فوجدت أن التركيب الكيميائي للماء تغيّر بشكل مذهل، حتى صار أقرب إلى مركب دوائي يعالج الأمراض المزمنة..
هذه قصة جميلة، أليس كذلك؟
غير أن الحقيقة – كما يكشفها العلم لا الخيال – تقول شيئاً آخر فقد أجريت بالفعل دراسات مماثلة، ولم تتوصل أيٌّ منها إلى وجود تغيرات فيزيائية أو كيميائية يمكن أن تُحدث أثراً علاجياً في الماء ف الماء ظل ماءً و المرض ظل مرضاً.
القصة السابقة ليست إلا محاكاة نقدية تُظهر كيف يمكن للسرد أن يُستغل لتكريس الإيمان بظواهر غير مثبتة، وكيف يمكن في المقابل توظيف نفس الأداة – القصة – لهدم الوهم ذاته.
العلم لا يقف ضد الإيمان، لكنه يرفض أن يُعامل الاعتقاد كبرهان فالماء لا يتحول إلى دواء بالترتيل، تماماً كما لا يُصبح الذهب علاجاً بمجرد أن نحلم به الإيمان قوة روحية، وشأن شخصي، لكنه لا يُغيّر طبيعة الأشياء خارج سياق التجربة والسببية.
إن ما يحتاجه اليوم الإنسان في الوطن العربي و خاصة في اليمن ليس الصدام بين الدين والعلم، بل التمييز بين الإيمان كقيمة معنوية والعلم كأداة معرفية ف حين نحترم كليهما في مجاله، نصنع وعياً ناضجاً لا يُصدق كل ما يُقال، ولا يُكفر بكل ما لا يُرى.

