صدى الواقع اليمني – كتب: محمد محمد السفياني
خلال 48 ساعة من الزخم الإعلامي العالمي، برزت السعودية كحليف ندٍّ للولايات المتحدة لا تابعٍ لها، رغم أنها لا تزال خارج منظومة الناتو. وقد وصفها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بأنها الحليف الاستراتيجي من خارج الحلف، مؤكداً أن وزنها الجيوسياسي يوازي دول الحلف مجتمعة في المنظور الأمريكي.
وفي مشهد يعكس إعادة تشكيل قيادة النظام الدولي، وقّع ترامب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أكبر اتفاقية دفاعية بين البلدين، تشمل تزويد السعودية بكامل منظومات التسليح والمعدات العسكرية، إضافة إلى حزمة اتفاقيات اقتصادية وشراكات استراتيجية، وإعلان الرياض أكبر حليف لواشنطن. خطوة تفتح الباب أمام اتفاق نووي ثنائي واتفاق استراتيجي شامل في مجال الذكاء الاصطناعي.
وخلال لقائهما في نادي الاستثمار الأمريكي، قدّم ترامب عرضاً تفصيلياً لمساره الاقتصادي خلال ولايته الثانية، موضحاً كيف أوقف ثماني حروب في العالم، مشيراً إلى أن الأمير محمد بن سلمان كان شريكاً محورياً في ذلك. وأكد أن ولي العهد السعودي هو من طلب منه رفع العقوبات عن سوريا، وأنه قدّم له شرحاً عميقاً لجذور الصراع في السودان وسبل التعاون لإيقاف الحرب هناك، ما دفع ترامب للإعلان عن بدء العمل على مبادرة لوقف القتال.
أما مراسم الاستقبال التي خصصتها الولايات المتحدة لولي العهد، فقد تجاوزت كل البروتوكولات المعهودة؛ إذ فُتح له باب في البيت الأبيض لم يُفتح لأي زعيم من قبل، وكانت الخيول السوداء تتقدم موكبه، فيما كان ترامب بانتظاره عند المدخل، والطيران الحربي يحلّق فوق البيت الأبيض، والمدفعية تطلق 21 طلقة ترحيباً بالعاهل السعودي. مشهد عكس مكانة القيادة السعودية لدى الإدارة الأمريكية، وردّ اعتبار عملياً على تصريح بايدن بأنه سيجعل السعودية “دولة معزولة”.
اليوم، يلعب الأمير محمد بن سلمان دوراً قيادياً في تشكيل تكتل دولي ثالث على غرار دول عدم الانحياز، فيما يبقى الملف اليمني بحاجة إلى معالجة واقعية تعيد بناء الدولة اليمنية وتدعم مسار السلام والتنمية. فنحن، بحكم الجغرافيا والتاريخ وروابط الإخاء، شركاء حقيقيون في المصير، ونستحق أن يحظى اليمن بنظرة عادلة ضمن خارطة التنمية الإقليمية.
فهل من مُدّكر؟

