صدى الواقع اليمني – كتب: محمد السفياني

منذ السابع عشر من يوليو العظيم 1978م، سطعت شمس هذا اليوم المجيد على اليمن، فمثّل ردَّ اعتبارٍ للشعب اليمني، ليكون قرار تولي الحكم عبر الشعب أو عبر من يُمثّل الشعب. لقد أعاد هذا اليوم لأهداف ومبادئ الثورة اليمنية فاعليتها وحيويتها.

فعندما نتحدث عن السابع عشر من يوليو، فإننا لا نقلل من عظمة حركة 13 يونيو التي قادها الرئيس إبراهيم الحمدي، ولا نقلل من حركة 5 نوفمبر بقيادة الرئيس القاضي عبد الرحمن الإرياني، كما لا ننسى قيادة الثورة برئاسة المشير عبد الله السلال. كما نتفاخر بما قدّمه المناضلون في الشطر الجنوبي، من الرئيس قحطان الشعبي الذي قاد البلاد بعد الاستقلال، والرئيس سالم ربيع علي والإصلاح الزراعي، والرئيس عبد الفتاح إسماعيل والدمج المجتمعي وإزالة الطبقات، والرئيس علي ناصر محمد، والرئيس علي سالم البيض وتوقيعه إلى جانب الرئيس صالح على اتفاقية إعلان الوحدة.

رحم الله من رحل عنا، فقد أحببناهم جميعًا، وأسهموا في بناء وتنمية اليمن الجمهوري. لكن تختلف نظرتنا ليوم السابع عشر من يوليو، لأنه مثّل تحقيق أهداف الثورة اليمنية، وعلى النحو الآتي:

1. تم الاتفاق على وقف الحروب التشطيرية في العام 1979م، من خلال لقاء الكويت بين رئيسي الشطرين: المقدّم علي عبد الله صالح، والأستاذ عبد الفتاح إسماعيل، وتم الاتفاق على تشكيل اللجان الدستورية، وانتهت الحرب بين الشطرين.


2. تم تأسيس مؤتمر شعبي عام، وإصدار ميثاق وطني لفكر جامع لكل التنظيمات، اتفقت عليه كل القوى السياسية بعد حوار شعبي عام استمر قرابة ثلاث سنوات، وتم وقف حروب الجبهات الداخلية في الشطر الشمالي نهائيًا.


3. استقبال الرئيس علي ناصر وجماعته بعد نزوحهم عقب أحداث يناير 86 الدامية، ورغم أن نصف سكان الشطر الجنوبي أصبحوا نازحين في الشمال، إلا أن قيادة صنعاء حينئذ رفضت الإغراءات الغربية والعربية لتحقيق الوحدة بالقوة والدماء.


4. كانت رواتب المدرسين وكثير من الجوانب التعليمية والصحية والاقتصادية مرتبطة بدول شقيقة، وبمساعدة من الغرب والشرق، وأُريد أن يكون القرار اليمني مستقلًا خاليًا من الشروط. فتم استخراج النفط، وتوسيع الموانئ، والاعتماد على الإمكانيات اليمنية، ونجح في ذلك حتى سنحت الفرصة لتوقيع اتفاق الوحدة في نوفمبر، حيث تنقّل اليمنيون بين الشطرين بالبطاقة الشخصية في نوفمبر 1989م، وتشكلت عشرات اللجان حتى تم إعلان قيام الجمهورية اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990م، وهو يوم بُعثت فيه اليمن من جديد، وابتدأت المشاريع التنموية والتعليمية من ميزانية يمنية قائمة على موارد اليمن.



ورغم الحروب والمنعطفات، شهدت اليمن العديد من الإنجازات التنموية والتعليمية والخدمية: من طرقات، وجامعات في كل محافظة، ومبانٍ حكومية، وكهرباء، وموانئ، ومطارات، ومصانع، وشبكة اتصالات حديثة، ومحاكم، ومؤسسات فضائية، وأمنية، في ظل ديمقراطية وتعددية سياسية، وحرية النشاط الحزبي، وصحافة حرة ناقدة، وانتخابات برلمانية ومحلية ورئاسية.

لذا، عندما نتحدث عن السابع عشر من يوليو، فليس من باب الشخصنة السياسية أو الولاء الضيق، بل لأنها يوم جمع ولم يفرّق، وحّد ولم يمزّق. وإذا كان البعض يعتبر أن هذه الكتابة تمجّد شخص صانع هذا اليوم، فأقول: إن هذا لأنه كان نقطة التقاء للجميع، وأيضًا، هل هذه الإنجازات التنموية صنعها الشخص لوحده؟ أم إن هناك عددًا من القيادات السياسية والفنية والإدارية والمهنية والعسكرية أسهمت بفاعلية في تنفيذ هذه الإنجازات التنموية والتعليمية والخدمية من كل الأحزاب السياسية والفئات الاجتماعية؟

لكن حظّه أنه كان قائدًا فذًّا ومسؤولًا مخلصًا، تم في عهده تنفيذ هذه المشاريع التنموية. أليس من حق محبّي هذا الرجل أن يُعبّروا عن إعجابهم بالإيجابيات التي تميّز بها عن غيره؟ أم إن البعض أراد أن يحصر الناس في البحث عن سلبيات حدثت في عهده والقدح فيه وتحميله مسؤولياتها؟

إنصاف الناس حق، طالما أن الشعب هو الحَكَم، فهو يعلم كل خدمة أو منجز متى تحقق، وفي عهد مَن تم تنفيذه وإنجازه، مع العلم أن هذه المنجزات هي من أموال اليمن، ومِلْك لليمن، ونُفذت بأيادٍ يمنية من كل أنحاء اليمن، ومن كل محافظات الجمهورية اليمنية.

رحم الله كل رؤساء اليمن بدون استثناء، وسنظل ندين بالعرفان والجميل لكل من أسهم في بناء اليمن. وستظل طينة اليمن هي الجامعة لكل أبناء هذا الشعب، وستظل السابع عشر من يوليو إشراقة ساطعة على التاريخ اليمني، وسوف تمتد إشعاعاتها إلى الأجيال القادمة…

فهل من مُدَّكِر؟

🔗 رابط مختصر:

اترك رد