صدى الواقع اليمني – تقرير: حسين الشدادي
تجد قاعدة العديد الجوية في قطر نفسها في قلب التوتر الإقليمي المتصاعد، بعد أن أعلنت إيران استهدافها بالصواريخ مؤخرًا. هذه القاعدة، التي تعد واحدة من أكثر المنشآت العسكرية الأمريكية تحصينًا في المنطقة، تمثل مركزًا حيويًا للعمليات الأمريكية في الشرق الأوسط، وتضم قرابة 10 آلاف جندي أمريكي.
قلب العمليات الجوية الأمريكية في المنطقة
تؤكد صحيفة “نيويورك تايمز” أن قاعدة العديد مجهزة بمجموعة واسعة من أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة، مما يعكس مدى التحصين الذي تتمتع به. الأهم من ذلك، أنها تضم مركز العمليات الجوية المشتركة (CAOC)، الذي يمنح القوات الأمريكية القدرة على الانطلاق وتنفيذ المهام الجوية في منطقة واسعة تشمل 21 دولة، تمتد من شمال شرق إفريقيا إلى وسط وجنوب آسيا، وفقًا لسلاح الجو الأمريكي. هذا الانتشار الواسع يعكس الأهمية الاستراتيجية للقاعدة في دعم العمليات الأمريكية عبر منطقة حيوية.
تاريخ من التعاون والاستثمار القطري
بدأت قطر في بناء قاعدة العديد عام 1996، ومنذ ذلك الحين، لم تدخر جهدًا في تطويرها وتوسيعها. فقد أنفقت الدولة الخليجية ما لا يقل عن 8 مليارات دولار على مدار السنوات لتحديث هذه المنشأة العسكرية. تُعد القاعدة نموذجًا للتعاون الدفاعي، حيث يستخدمها الجيش القطري إلى جانب الجيش الأمريكي وسلاح الجو الملكي البريطاني، مما يعزز قدرات التحالف ويسمح بتبادل الخبرات والعمليات المشتركة.
بدأ الجيش الأمريكي في استخدام القاعدة بشكل فعال بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001. فبعد تلك الهجمات، تمركزت فيها الطائرات الأمريكية لاستهداف تنظيم القاعدة في أفغانستان. وبعد عامين فقط، في عام 2003، أصبحت العديد المركز الرئيسي للعمليات الجوية الأمريكية في المنطقة، وهو الدور الذي حافظت عليه منذ ذلك الحين.
دور محوري في الصراعات الإقليمية
لعبت قاعدة العديد دورًا حاسمًا في تنسيق مجموعة واسعة من المهام العسكرية الأمريكية على مدى عقدين من الزمن. استخدم القادة الأمريكيون القاعدة لتنسيق العمليات خلال حربي العراق وأفغانستان، كما كانت نقطة انطلاق رئيسية في الغارات الجوية ضد تنظيم داعش في سوريا. خلال هذه العمليات، نشرت القوات الجوية الأمريكية مجموعة متنوعة من الطائرات في القاعدة، تراوحت من المقاتلات المتقدمة والقاذفات بعيدة المدى إلى الطائرات المسيّرة وطائرات النقل، بالإضافة إلى الطائرات المخصصة للتزود بالوقود جوًا، مما يعكس مرونتها وقدرتها على دعم عمليات جوية معقدة ومتنوعة.
كما برز دور القاعدة الإنساني والاستراتيجي خلال عمليات الإجلاء من أفغانستان عام 2021. فقد أصبحت العديد نقطة الإجلاء المركزية لعشرات الآلاف من الأفغان والأميركيين الذين فروا من أفغانستان عند انسحاب القوات الأمريكية، مما يسلط الضوء على قدرتها اللوجستية الكبيرة واستعدادها للتعامل مع الأزمات الإنسانية الكبرى.
مركز قيادي وتحصين سري
تجاوز دور قاعدة العديد مجرد كونها منشأة للطائرات. فقد سمح تحديثها وتوسعتها لعدد من القيادات العسكرية الأمريكية الرئيسية بالعمل منها. فبالإضافة إلى استضافتها القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) المتقدمة، تستضيف القاعدة أيضًا منشآت قيادة للقوات الخاصة الأمريكية، مما يؤكد مكانتها كمركز استراتيجي للعمليات الخاصة والتقليدية.
الغريب في الأمر أن موقع القاعدة لم يكن معروفًا للعلن حتى عام 2013. في ذلك العام، قام تشاك هيغل، وزير الدفاع الأمريكي آنذاك، برفع السرية عنها، كاشفًا عن موقعها ودورها الحيوي. هذا الكشف جاء بعد سنوات من العمليات السرية التي نفذتها القوات الأمريكية من هذه القاعدة، مما يؤكد مدى أهميتها الاستخباراتية والعسكرية.
تحديات المستقبل في منطقة متوترة
مع استهداف إيران لقاعدة العديد، يتصاعد التوتر في المنطقة، مما يضع هذه المنشأة الحصينة في بؤرة الاهتمام الدولي. دورها المحوري في العمليات الأمريكية، واستضافتها لآلاف الجنود، بالإضافة إلى أنظمتها الدفاعية المتقدمة، يجعلها هدفًا استراتيجيًا لأي تصعيد محتمل. السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو كيف سترد الولايات المتحدة وحلفاؤها على هذا الاستهداف، وما هي التداعيات المحتملة على استقرار المنطقة ومستقبل العمليات العسكرية الأمريكية فيها؟