صدى الواقع اليمني – كتب: محمد عبدالجليل السوائي



في بلادي، تشجّرت السذاجة في حكّامها، يترعرعون في رغيد عيشهم، ويتلعثمون في مناصبهم، ويسترخون على فرشٍ فاخرة، ورواتب تمكّنهم من الرّفاه الزائف، ينظرون إليه بأعينهم على أنه حصاد أتعابهم، ولا يشعرون بذلك المواطن المنتظر لحصاد الإصلاح والتطوير، وهم بعيدون عن ذلك بُعد المشرق عن المغرب.

يُركنون أنفسهم وهم يظنون أنهم قائمون بما وُكِّل إليهم على أكمل وجه، ولا يعلمون أن استرخاءهم المُترف هذا، يقود الشعب والدولة إلى الهاوية التي لا نهاية لها؛ أجساد جمادية العقل والإحساس، متحرّكة الأبدان، ممتلئة البطون على حساب غيرهم، أصابتهم التُخمة من الموائد الطافحة بألذ المأكولات، وبنوا القصور، وحساباتهم في البنوك مرزوحة من لحم المواطن المجروح، الشهيد.

تغلّبت أطماعهم على مسؤوليتهم، فباعوا ضمائرهم بعرضٍ من الدنيا قليل، زائل، توهّجت نفوسهم بالسعي إلى بناء مصالحهم الشخصية، وحبّ الدنيا الدنيّة. تركوا ذلك المواطن المسكين، الذي لا يملك من أمره شيئًا، بل لا يملك قوت يومه، تركوه على أرصفة الذل والمعاناة والحاجة، تركوه يتقهقر في زخاريف الجوع والهوان.

بالله قولوا لي: عند وقوفكم أمام ربّ كل شيءٍ ومليكه، حينما ينادي ملائكته الكرام، ويقول: “وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ”، ما هو الردّ حينئذٍ؟!
أولستم أنتم من تمثّلون الدين الإسلامي؟ أولستم من تملكون زمام الحكم؟ قد نعذركم، ولكن أفعالكم تقول على ألسنتنا: لا عفوَ عن هؤلاء، لا عفوَ عنهم!

قد يخطر ببال أحدكم، أو أحد مرتزقتكم، حين يقرأ هذا المنشور: “ومن هو حتى يعفو عني أو يطلب مني السماح؟”
والجواب: أنا ذلك المظلوم، العبد المفتقر إلى ربه، الذي شكاكم إلى الله عز وجل، وقال والحرقة تتغلغل في داخله، ومن نفاد الصبر، ومن صمته الذي أنهكه حتى طفح الكيل: “حسبي الله ونعم الوكيل”. أما تكفيكم هذه الدعوة لتصحو من غفلتكم؟

معذرةً، لقد أخذتني الغفلة أنا من يسأل مثل هذا السؤال، لأني أعلم أنكم مشغولون بإملاء بطونكم، ومتابعة مشاريعكم الخاصة، وتجميل إحصائيات شركاتكم، و… و… و…

دمّرتم يمننا بسبب أطماعكم، وتفرّقكم، وخضوعكم لمن كان لا يجرؤ أن يتكلّم بلفظٍ واحد، ولكنكم خضعتم له، وسلّمتم له زمام أموركم لتحقيق رغباتكم الشخصية. دمّرتم اقتصاد دولة بخفّة عقولكم، ودمّرتم التعليم تلبيةً لطلب من يريد تدميره. نحن نحارب هؤلاء من دويلات الغرب ليبقى الإسلام شامخًا، فأتَيتم أنتم ولبّيتم طلبهم بكل شفافية!

أصبحنا لا نعلم من عدوّنا: أأنتم، أم أولئك الكفّار الذين يريدون أن يبقى العرب في سبات الجهل؟ ألا تعقلون؟ ألا يعود إليكم رشدكم؟ أعميتكم حفنة من الدراهم؟ أم بالعقارات التي أعطوكم إيّاها سكَنًا؟!

ألا يسعكم هذا الوطن لتسكنوا فيه وتبنوا وتعمروا؟! أيّ تفكيرٍ هذا الذي يدور في عقولكم؟! وطن فيه ملايين البشر، جعلتموه وسادةً لعيشكم، واآسفاه! واآسفاه!

كلّ هذا على حساب المواطن، أيّ ظلمٍ ترتكبونه؟! أيّ حماقة تمارسونها؟! سيحلّ عليكم غضب من الله، وهو الذي سمّى نفسه “العدل”، ونحن أملنا فيه.

أمّا أنتم، فمثل القطيع الذي ينتظر ما يُشبع رغبته، ويسخّر ذلك لتدريس أبنائه في أفخر الجامعات والمدارس خارج الوطن، بل وربما في أكبر الجامعات العالمية.

كفاكم يا عبيد، كفاكم أذلاءَ للأطماع، كفاكم يا سقراط جهنم، كفاكم يا متشرذمين، كفاكم كذبًا، كفاكم خداعًا، يا بائعي الوطن، يا خونة…

الرسالة الأخيرة:

أوجّهها لكل مواطنٍ حرّ يأبى الذل، يأبى أن يخضع لغير الله، يأبى أن يُطأطئ رأسه للعابثين.
أخي المواطن، اعلم أن كلّ من هؤلاء محاسب عند الله، وله وقفةٌ يوم القيامة، فليُعدّ لذلك اليوم.

أما أنت، أيها المواطن، فلا تجعل شيئًا يُلهيك عن الدفاع عن دينك، وعرضك، ووطنك، ومالك، وسارع إلى الإعمار من جديد. فالله هو الناصر، وهو القادر، فبه استعِن، وعليه توكّل، فلن يتركك أبدًا، ولن يخذلك، وهو على كل شيءٍ قدير.

الأمل فيك أنت أيها المواطن، فاحرص على ما تقدر عليه في خدمة دينك ووطنك، وفي أي مجال كنت فيه.
النصر قادم، فاعمل لأجله.

🔗 رابط مختصر:

اترك رد