صدى الواقع اليمني – كتب: محمد السفياني

الإفراط هو تجاوز الحد في الشيء، لذا فإن السؤال: هل كان هناك إفراط في حكم المؤتمر الشعبي العام؟ وإلا، فما هي مبررات الثورة ضده؟ وهل هي ثورة أم انقلاب؟ وكيف تكون ثورة ضد حكم قائم على شرعية انتخابية وفق دستور ينظم التداول السلمي للسلطة؟ هل حكم المؤتمر الشعبي العام بالعدل وبالعفو والتسامح ضد خصومه السياسيين؟

هناك من استدل بخطابات مسوري الإصلاح، وشوقي القاضي، ودحابة، والعزب، كيف كانت خطاباتهم فيها من التحريض، والتي لو كانت في إحدى دول الديمقراطية لحُبسوا واتُّهموا بالتحريض ضد النظام. في الجانب الآخر، كانت الكتابات السياسية والصحفية في صحف الأحزاب تمس حتى أعراض القيادات المؤتمرية، وتُكال التهم والسب والألفاظ النابية ضد المؤتمر الشعبي العام وقياداته كذبًا دون دليل أو حتى قرينة. بل ظل المؤتمر يرفض أن يرد على التهم، بل كان يتم دعم هؤلاء الأشخاص، فربما كانت كتاباتهم نتيجة حاجة أو معاناة أو ظروف خاصة.

ولقد أعجبني التقييم الذي أطلقه كل من البرلماني الإصلاحي الشيخ محمد المسوري، والبرلماني الإصلاحي الأستاذ شوقي القاضي، عندما تحدث هذان الشخصان عن كيف كان يتعامل معهم المؤتمر الشعبي العام وقيادة حكمه، رغم أنهم كانوا ينتقدون قيادة وحكومة المؤتمر، ويلاقون من قِبل الأمن والحرس في النقاط بالتحية والابتسام، وفي كل مكان لم يتعرضوا لأي تعسفات أمنية، بل يجدون الترحيب، وكأن المؤتمر كتب على نفسه تحمُّل عبء الديمقراطية، أياً كانت نتائجها.

أما التفريط، فيعني التقصير أو التقاعس عن الواجب، وبهذا نضرب الأمثلة التالية:

أولاً: عندما كانت هناك مشكلة جزيرة حنيش، جاء بطرس غالي، أمين عام الأمم المتحدة، ومعه مساعد وزير خارجية فرنسا، وهدد الأخير بأن أسطوله سيتدخل إذا شاهد تحركًا للجيش اليمني. حينها كان الرد اليمني له: “نحن لو أردنا استرجاع حنيش لكان في ساعات، لكننا حريصون على أمن الملاحة الدولية وعلى بناء علاقة جوار مع أشقائنا في إريتريا. أما تهديدك، فإن لم يُسحب، سوف نلزمكم – أي الفرنسيين – بمغادرة البحر الأحمر.” هذا نموذج، فهل هو دليل على عدم التفريط؟ طبعًا، فقد حُكم لليمن بالجزيرة إلى الأبد دون حرب.

النموذج الثاني: عندما تم إرجاع المارينز الأمريكي وكلابهم بعد حادثة تفجير المدمرة الأمريكية “يو إس إس كول”، وهذا بحضوري في مطار عدن.

النموذج الثالث: كان البطل الأستاذ محمد سالم عبدالله المشدلي، وكيل وزارة النقل، وبحضوري، والأخ الوكيل المساعد لهيئة الطيران لقطاع الطيران، المذحجي، موجودًا. وعندما بدأ الوفد الأمريكي رفضه دفع رسوم طيرانه العابر فوق البحر، معلّلين أن اليمن ليس لها قانون، حينها وقف الوكيل المشدلي قائلاً: “لدينا قانون ولدينا لوائح، وعليكم تسديد كافة الرسوم.” رفض الوفد الأمريكي، فقال الوكيل المشدلي: “سنبلغ القوات المسلحة للتعامل مع طيرانكم.” ثم تشاور الأمريكيون ووقّعوا على تسديد الرسوم.

هذه نماذج بسيطة على أن المؤتمر الشعبي العام لم يُفْرِط (بسكون الفاء)، ولم يُفَرِّط (بفتحها)…
فهل من مُدَّكِر؟؟؟

🔗 رابط مختصر:

اترك رد