صدى الواقع اليمني – كتب : د/محمد الشعبي
في مشهدٍ بات يتكرر في بعض مساجدنا، تدخل لأداء الصلاة بخشوع، فإذا بك تتعثر بسروال هنا وسروال هناك! مجموعة منها مكدّسة في الزاوية، وأخرى مفروشة كأنك في سوق حراج شعبي، لا في بيت من بيوت الله!
ظاهرة “خلس السراويل” قبل الوضوء والصلاة أصبحت سلوكًا شائعًا في بعض المساجد، حتى غدت جزءًا من المشهد اليومي المعتاد.
لكن الطريف – بل المؤلم في آن – هو مشهد البحث عن السروال بعد الصلاة!
كل واحد يبدأ “عملية الفحص” بطريقة بدائية، لا تعتمد على اللون أو الماركة أو الطول، بل على… الرائحة!
نعم، الرائحة!
فتسمع أحدهم يشم ويقول بكل ثقة:
– “أوف… هذا حقك، مش حقي!”
ورغم بحثي المستفيض في كتب الفقه والطهارة من أولها لآخرها، لم أجد نوعًا من أنواع الطهارة يبدأ بـ”خلس سروال” وينتهي بـ”فحص بالنخر”!
ولعل المضحك أكثر ما رُوي لي عن زائر مصري دخل أحد مساجد صنعاء، ورأى هذا المشهد لأول مرة.
وقف مذهولًا، وقال بلهجته المندهشة:
“إحنا هنعمل إيه دلوقتي؟! خليتوا حسّه راح بعيد… الله يسامحكم!”
أين المشكلة؟
من الناحية الدينية، لا يوجد ما يُلزم المسلم بنزع سرواله إن كان طاهرًا ولم يمنع وصول الماء إلى مواضع الوضوء أو الصلاة.
ومن الناحية الجمالية، فإن هذه الظاهرة تشوّه منظر المسجد، وتسيء إلى قدسية المكان، وتبعث برسائل خاطئة لزوار المساجد أو غير المعتادين على هذا السلوك.
ما الحل؟
المطلوب ليس التهكم ولا التضييق، بل التوعية.
ندعو الأئمة والخطباء والمسؤولين في المساجد إلى التحدث عن آداب المسجد، وضرورة الحفاظ على نظافته وهيبته.
كما ندعو المصلين إلى التفكير قليلاً قبل خلع السراويل:
– هل هو أمر ضروري؟
– هل هناك بدائل أكثر احترامًا؟
– هل هذا السلوك يتماشى مع روح الطهارة أم يشوّه صورتها؟
خاتمة
بيوت الله أماكن للسكينة، وليست غرف تبديل ملابس.
فلنُعد للمسجد هيبته، وللصلاة خشوعها، وللسروال مكانه… بعيدًا عن الأنوف!