صدى الواقع اليمني – تقرير: حسين الشدادي

في سياق المنافسة المحتدمة بين وسائل الإعلام اليمنية، يلاحظ المتابعون تصاعد مستوى الانحطاط الأخلاقي والممارسات غير المهنية في بعض وسائل الإعلام التابعة للشرعية، ما يعكس أزمة حقيقية في مصداقيتها وقدرتها على مواجهة خصومها السياسيين والميدانيين، وفي مقدمتهم جماعة الحوثي.

أحدث الأمثلة على هذا الانحطاط ما أفرزته بعض التقارير التي نشرتها قناة الجمهورية التابعة لطارق عفاش، والتي انخرطت في نشر ادعاءات كاذبة بحق قيادات حوثية ومسؤولين حكوميين، تتضمن اتهامات شخصية وجنسية دون تقديم أي دليل ملموس.

ولقي هذا التقرير انتقادات لاذعة من مراقبين وصحفيين مستقلين، أبرزهم الكاتب الصحفي علي البخيتي، الذي وصف هذه الممارسات بأنها سقوط مهني وأخلاقي يصل إلى مستوى غير مسبوق، مؤكداً أن هذه الأساليب لن تعزز موقف وسائل الإعلام من الناحية المصداقية بل على العكس ستصب في صالح خصومها.

ويشير المتخصصون في الإعلام إلى أن أخلاقيات الصحافة تقوم على ثلاث ركائز أساسية: الحقيقة، الموضوعية، والمسؤولية. أي تجاوز لهذه الركائز من خلال ترويج معلومات مفبركة، أو الاتهام بدون دليل، يعد انتهاكاً صارخاً للقيم المهنية، ويضع وسائل الإعلام في خانة الإفلاس المعنوي أمام جمهورها ومجتمعها.

وتأتي هذه الظاهرة لتؤكد أن الانحطاط الأخلاقي ليس مجرد قصور تقني أو ضعف مهني، بل انعكاس لأزمة أعمق في ثقافة العمل الإعلامي لدى بعض وسائل الإعلام التابعة للشرعية، حيث يتم التضحية بالمصداقية لأجل الانتصار الإعلامي السريع على خصومهم السياسيين، دون أي اعتبار للمعايير الأخلاقية أو للقيم الاجتماعية السائدة في اليمن.

وفي ظل هذه التجاوزات، يرى الخبراء أن إعادة بناء الثقة بين الإعلام وجمهوره يتطلب التزاماً صارماً بأخلاقيات المهنة، ورفض الانجرار وراء الشائعات والاتهامات الشخصية، وتعزيز مبدأ المساءلة الداخلية في المؤسسات الإعلامية.

فالصحافة القادرة على مواجهة التحديات الكبرى هي تلك التي تحافظ على مصداقيتها قبل أن تحاول مواجهة خصومها، فالفشل في هذا الجانب يعني إفلاساً إعلامياً ومعنوياً يضر بالرسالة الوطنية نفسها.

ويظل السؤال مفتوحاً أمام وسائل الإعلام اليمنية: هل ستواصل السير في مسار الانحدار الأخلاقي، أم أنها ستعيد الاعتبار للقيم المهنية، لتصبح قوة مؤثرة وموثوقة في تعزيز الحقيقة والدفاع عن المصلحة العامة؟

🔗 رابط مختصر:

اترك رد