google.com, pub-3455913717300994, DIRECT, f08c47fec0942fa0
صدى الواقع اليمني – كتب: أيمن الطاهري
Published from Blogger Prime Android App
ربما كان خطأ الأستاذ والكاتب محمد دبوان المياحي الأكبر كما يرى البعض هو اختياره الواعي البقاء في صنعاء عاصمة الروح والذاكرة رغم كل الفرص المتاحة أمامه للمغادرة… قرار شجاع اتخذه كثيرون ممن آثروا البقاء في وطنهم الجريح على الرحيل إلى منافٍ قد تكون أكثر أمناً لكنها بالتأكيد أقل انتماءً… قرار ندفع ثمنه اليوم من حيواتنا وأرواحنا ونحن نرى كيف يُحاكم الشرفاء بتهمة الكلمة الحرة وكيف يُسجن أصحاب الرأي لمجرد أنهم تجرأوا على التفكير بصوت عالٍ
لقد كان محمد دبوان المياحي بصوته الهادئ وقلمه الرصين واحداً من هؤلاء الشجعان الذين رفضوا كل المغريات وآمنوا بأن الإصلاح يبدأ من الداخل وأن الوطن بحاجة إلى أبنائه في أحلك الظروف… لم يكن مجرد كاتب أو صحفي بل كان ضميراً حياً يراقب ويحلل وينتقد ليس من باب المعارضة السياسية الفارغة بل من منطلق الحرص على المصلحة العامة وكشف مكامن الخلل
لكن يبدو أن زمن الكلمة الحرة قد ولى في صنعاء وأن صوت العقل أصبح جريمة يُعاقب عليها القانون… فها هو المياحي الذي اختُطف من منزله في سبتمبر 2024 وأُخفي قسراً لشهور يواجه اليوم حكماً جائراً بالسجن لمدة عام ونصف مع إلزامه بتعهد مذل وغرامة باهظة فقط لأنه مارس حقه الطبيعي في التعبير عن رأيه
تأتي هذه المحاكمة وهذا الحكم الظالم ليكرسا واقعاً مريراً تعيشه صنعاء تحت سيطرة جماعة الحوثي حيث تُكمم الأفواه ويُقمع الرأي الآخر ويُرهب أصحاب الكلمة… قضية المياحي ليست قضية فردية بل هي قضية كل يمني حر يؤمن بحق الاختلاف والتعبير… إنها صرخة مدوية في وجه القمع والاستبداد وتذكير بأن الصمت ليس خياراً حين يتعلق الأمر بالحقوق والحريات
تتوالى الإدانات من نقابة الصحفيين اليمنيين والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية وتتعالى الأصوات على منصات التواصل الاجتماعي تحت وسم #الحرية_لمحمد_دبوان_المياحي مطالبة بإطلاق سراحه فوراً ووقف هذه المحاكمات الهزلية… هذه الأصوات تمثل نبض الشارع اليمني الذي يرفض الظلم ويتمسك بقيم الحرية والعدالة
في المقابل هناك من يحاول تبرير ما يحدث أو التقليل من شأنه أو حتى تحميل المياحي مسؤولية ما جرى له… هؤلاء إما متواطئون مع الظلم أو مخدوعون بشعارات زائفة أو فاقدون للبوصلة الأخلاقية… فالحرية لا تتجزأ والظلم لا يمكن تبريره تحت أي ذريعة
إن ما يحدث لمحمد دبوان المياحي اليوم هو ما كتبة أحد الناشطين “عنواننا القادم إذا لم نعتبر الدرس نموذجاً أخيراً لضرورة انصياعنا تماماً!”… إنه رسالة واضحة لكل من بقي في صنعاء ولكل من لا يزال يحلم بيمن حر وديمقراطي إما الصمت المطبق، أو السجن والاضطهاد
لكن التاريخ علمنا أن القمع لا يدوم وأن صوت الحق لا يمكن إسكاته إلى الأبد… سيبقى محمد دبوان المياحي رمزاً للشجاعة والصمود وستبقى قضيته وصمة عار في جبين جلاديه… والحرية مهما طال انتظارها آتية لا ريب فيها
الحرية لمحمد دبوان المياحي ولكل معتقلي الرأي في اليمن
🔗 رابط مختصر:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *