صدى الواقع اليمني – كتب: يوسف اليامي

هل كتب علينا أن نعتاد هذا المشهد؟ طفل يُقتل، دماء تُسفك، كاميرات تصوّر، أصوات تصرخ، ثم صمت… صمت قاتل، مريب، جبان.
تبدأ القصة بضجة، بانفجار من الغضب، ومن ثم تنتهي – كما انتهت غيرها – إلى لا شيء.
نسأل، نطالب، نغضب، ثم تُنسى الحكاية كما نُسي قبلها أطفال كُثر، وأرواح بريئة طُحنت تحت عجلات الإهمال والفساد والتواطؤ.
عار علينا، والله عار علينا، أن تصبح قضية مرسال مجرد وسم على منصّة، أو صورة يتيمة تتناقلها الأيادي دون فعل حقيقي.
عار أن يتحوّل وجعه، أنينه، وصراخه الأخير إلى مادة عابرة، إلى “قضية رأي عام” مؤقتة، تنتهي مع انتهاء الاهتمام أو دخول قضية جديدة للساحة.
لكن لا عجب… لا عجب إذا كان القاتل يختبئ، يتنعّم، يعيش حياته تحت حماية السلطة، وتحت مظلة من يمتلك النفوذ، والمال، والرصاص.
لا عجب إن كان المجرم يُضحك في مجالسهم، ويُربّت على كتفه، ويُحمى من القصاص، لأن في هذه البلاد… لا يُحاسب سوى الضعيف، لا يُطارد إلا المكلوم، ولا يُخاف إلا من قال الحقيقة.
كيف نام أولئك الذين يعرفون الحقيقة؟ كيف استطاعوا أن ينظروا في وجوه أطفالهم؟
هل قالوا لهم: “اليوم مات طفل، وغداً قد تكون أنت، ونحن ساكتون، خائفون، أو متواطئون”؟
كيف يهنأ بال العارفين بالأسماء، بالوقائع، بالشهود… ويسكتون؟
هل باعوا ضمائرهم بثمن رخيص؟
أم أن الدماء لم تعد تزعجهم؟
مرسال لم يكن مجرد طفل…
كان رمزًا، كان براءة قُتلت، وصوتًا أُسكت، وحكاية انتهت قبل أن تبدأ.
كان يمثل كل طفل مهدد، كل مظلوم ينام في حضن الخوف، كل أمّ تخاف أن يُنتزع منها قلبها في أي لحظة.
قضيته اليوم ليست مجرد قضية… بل اختبار لنا، لهذا المجتمع، لهذه البلاد.
هل سنكون أوغادًا آخرين نمرّ مرور الكرام على الدم، أم سنتوقف، نصرخ، نحاسب، ونُسقط كل من اعتبر نفسه فوق القانون؟
السكوت خيانة،
نسيانه خيانة،
والتخاذل طعنة جديدة في قلب العدالة،
في قلب الإنسانية،
وفي صدر كل أمّ لا تنام منذ تلك اللحظة.
🔗 رابط مختصر: