صدى الواقع - كتب : فتحي أبو النصر
إلى هذا اللقاء الوطني الذي يجمع المكونات الشبابية والثورية، والذي ستطلقون من خلاله رؤية نحو بناء نموذج ملهم للدولة وتعزيز إنجازات الجيش والمقاومة والكفاح الوطني في تعز.
أصدقائي الأعزاء، الرفاق في الثورة والنضال...
أحييكم بأسمى آيات التقدير والاحترام، معبراً عن فخري الكبير بما تحقق بفضل تضحياتكم وبصمودكم في مواجهة العدو الذي حاول جاهداً زعزعة استقلالنا الثقافي والسياسي والاجتماعي في تعز.
إن الحديث عن تعز، وعن ملاحمها التي خاضتها على مدار التاريخ، هو حديث عن جوهر الهوية اليمنية.
كذلك فإن تعز التي كانت وما زالت القلب النابض بالأحلام الوطنية الكبرى والعقل المستنير في مواجهة جحافل الظلام. فمن تعز انطلقت أصداء المقاومة ضد الأنظمة الإمامية، المتعاقبة ومن تعز استمر الصمود الشعبي ضد كل محاولات الهيمنة والتهميش.
وإذا كانت تعز قد شكلت أحد أبرز ملاحم الصمود وتضحيات المقاومة في 1962 ضد النظام الإمامي، فهي اليوم تواصل هذه المسيرة بحجم أكبر وأعظم، إذ تقف سداً منيعاً أمام مشاريع الطائفية والإرهاب الميلشاوي الحوثي في معركة لا تقتصر على الأرض فقط، بل على الثقافة والتاريخ والكرامة.
والشاهد انه منذ بداية الصراع في عام 2015، كانت تعز الهدف الأكبر للميلشيات الحوثية، الذين حاولوا استخدام القوة العسكرية لفرض هيمنتهم على هذه المدينة الطامحة نحو الحرية والعدالة.
وبصريح العبارة نقول إن الحقد الزيدي الذي يحاول الحوثيون تصديره إلى تعز لا يعدو كونه محاولة بائسة لفرض نموذج كهنوتي طائفي يسعى لطمس هوية هذه المدينة الوطنية والعريقة.
فرغم القصف العشوائي، والألغام التي زرعوها في طرقاتها، والحصار اللا إنساني والقنص الذي استهدف حتى الأطفال والشيوخ،والنساء ،فإن تعز ثبتت على موقفها المقاوم.
من هنا فإن ما فعلته مدينتا الباسلة ليس مجرد موقف عسكري، بل هو معركة وطنية ثقافية. فقد كانت المدينة محط أنظار الجميع، خاصة أنها تمثل المقاومة ضد كل أشكال الذل.
بل لم تكن تعز مجرد هدف سياسي، بل كانت عنوانا للهوية، الجمهورية، وللحلم الذي يسعى كل اليمنيين لتحقيقه: دولة مدنية، خالية من الطائفية، ومبنية على العدالة والمساواة.
لذا، نؤكد أن من واجبنا أن نطرح رؤية واضحة وجامعة حول كيفية بناء نموذج الدولة الذي يحقق تطلعات شعبنا في تعز وفي عموم اليمن. علينا أن نؤكد في هذه الرؤية على عدة أسس:
1. تعزيز الوحدة الوطنية: لا يمكن أن تكون هناك دولة مدنية ومستقرة دون تعزيز روح الوحدة الوطنية. ذلك أن تعز، بكل ثقافتها وهويتها، يجب أن تكون مركزا لهذا التوجه. بحيث أن تعز يجب أن تكون نموذجاً لوحدة اليمنيين بمختلف انتماءاتهم ومذاهبهم.
2. تعزيز مؤسسات الدولة: وعليه نرى إن الإنجازات التي حققها الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في تعز يجب أن تتحول إلى حالة مؤسسية متكاملة. إذ لا بد من تمكين الجيش الوطني، وتدعيم المقاومة الشعبية بكل الوسائل اللازمة، لتكون القوة التي تحمي الدولة في تعز من أي تهديدات مستقبلية.
3. التأكيد على ثقافة المقاومة: في الحقيقة فإن مقاومة تعز ليست فقط عسكرية، بل هي ثقافية وفكرية. ذلك أن تعز تمثل أيقونة للمثقف اليمني، الملتزم بقضايا شعبه وهويته. ولذا يجب أن نعمل على تعزيز هذه الثقافة وتوسيع دائرة المشاركة الشبابية في بناء المستقبل.
4. تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية: تعد تعز التي قدمت مئات الشهداء والجرحى من أجل الحرية، لا بد أن تشهد نهضة تنموية حقيقية. بمعنى أنه يجب أن نعزز من مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المدينة، وتوفير فرص العمل والتعليم لكل أبنائها.
5. الاحتفاظ بالذاكرة التاريخية: نعم . يجب أن نظل نروي للأجيال القادمة قصص بطولات تعز، وأن نخلد تضحيات شبابها ورجالها ونساءها، كما نخلد مواقفهم البطولية في مواجهة التحديات. كون أن الحفاظ على هذه الذاكرة هو من سيصون هوية تعز وتاريخها الوطني.
أصدقائي الأعزاء، رفاقي الملهمين : إن بناء نموذج الدولة الذي نحلم به لا يتم إلا من خلال قوة الإرادة الشعبية، ومن خلال العمل المشترك بين كافة المكونات الوطنية. يجب أن نؤمن أن تعز ليست مجرد مدينة في وسط اليمن، بل هي منارة لكل اليمنيين الذين يسعون إلى بناء غد خلاق .و من هنا، يجب أن نضع تعز في قلب معركتنا الوطنية، وأن نجعل منها عقيدتنا الثابتة التي لا نحيد عنها.
نحن اليوم أمام مسؤولية تاريخية. فمعركتنا مع الحوثيين ليست معركة سيطرة على الأرض فقط، بل هي معركة إثبات أن تعز، بكل ما تمثل، ستكون هي الحجر الأساس لبناء الدولة اليمنية الحديثة، التي نريدها وطنا للجميع، لا مكان فيه للظلام الكهنوتي.
ختاما.. علينا أن نؤمن بأن تعز كانت وستظل منارة للثقافة والفكر في وجه التحديات، وأن مقاومة أهلها كانت وستظل درعا للحرية والسيادة الوطنية.
ولنكن كما كان أبطال تعز، صامدون في مواجهة الاستبداد مؤمنين بإرادة الشعب التعزي المقاوم الذي لا يمكن لأي قوة مهما كانت أن تحرفه عن مساره.
ف تعز هي البداية، وتعز هي النهاية.
تحيا تعز، وتحيا الجمهورية اليمنية.
تحياتي لكم جميعاً
وأتمنى أن يخرج هذا اللقاء برؤية شاملة وتوصيات عملية تساهم في بناء نموذج الدولة الذي يعكس تضحيات تعز وأبطالها.
بل يجب أن تركز التوصيات على تعزيز الوحدة الوطنية، تقوية مؤسسات الدولة، دعم الجيش والمقاومة، وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الشاملة.
كما يجب الحفاظ على الذاكرة التاريخية وتعزيز الثقافة الوطنية، لتظل تعز رمزا للحرية والتحدي.
كما أتمنى أن يخرج هذا اللقاء برؤية واضحة وتوصيات استراتيجية لتحقيق الشراكة وتفعيل دور الشباب خصوصا في بناء تعز ، والأهم توثيق تضحيات تعز في الذاكرة الوطنية.
إرسال تعليق