صدى الواقع اليمني - تقرير: خليل السفياني

في مثل هذا اليوم من عام 2023، سقط القائد الوطني والبطل الجمهوري العقيد توفيق مهيوب الجباري، الشهير بـ"توفيق الوقار"، شهيداً إثر استهدافه بطائرة مسيّرة حوثية أثناء توجهه إلى خطوط المواجهة في منطقة الكدحة بالساحل الغربي. ومع حلول الذكرى الثانية لاستشهاده، لا تزال ذاكرة رفاقه وأسرته وضمير الوطن يلهج بذكر من كان أحد أبرز مؤسسي جبهة المقاومة في تعز، وصاحب المشروع الوطني منذ اللحظة الأولى لانطلاق شرارة الكفاح.
رجل الدولة والموقف
لم يكن الوقار مجرد قائد ميداني، بل كان رجل دولة بامتياز، اجتمعت في شخصيته خصال القائد العسكري، والمسؤول الأمني، والوجاهة الاجتماعية، والإنسانية التي قلّ نظيرها. كان من أوائل من تصدّوا لمليشيا الحوثي في جبهة الضباب، بسلاحه الشخصي، قبل أن تتحول الجبهة إلى سدّ منيع أمام اجتياح المليشيا لمديريات جبل حبشي والمناطق المجاورة.
في أشد مراحل الحرب، قاد جبهة الضباب وسط شحّ الإمكانيات، فأنفق من ماله الخاص، واقترض لتأمين الغذاء والذخيرة، ودفن الشهداء، وعلاج الجرحى، ودفع رواتب الجنود. كما ساهم في إعادة تفعيل مؤسسات الدولة كمدير لأمن مديرية جبل حبشي، وبذل جهودًا جبارة لتطبيع الأوضاع الأمنية.
شهيد حيّ بديونه
رغم رحيله، لا تزال آثار القائد الوقار حاضرة في ذاكرة المقاومة. إلا أن المفارقة المؤلمة أن الرجل الذي أفنى حياته دفاعًا عن الدولة والمجتمع، ترك خلفه ديونًا تتجاوز 35 مليون ريال يمني، أنفقها بالكامل في سبيل المعركة، وليس لمصالح شخصية. ديون موثقة، معروفة للسلطات، لكنها ما تزال عبئًا ثقيلًا على أسرته، حتى تلقّى والده إشعارًا رسميًا من الشرطة – عشية عيد الفطر – على خلفية شكوى دائن، في مشهد يثير الغصة والاستنكار.
نداء الوفاء
باسم الدم الذي سال، وباسم المواقف التي لا تُنسى، تناشد أسرة الشهيد ورفاقه قيادة محور تعز، وقيادة المقاومة الوطنية، ووزارتي الدفاع والداخلية، والسلطة المحلية بمحافظة تعز، بضرورة التحرك العاجل لسداد ديونه وتكريمه رسميًا بما يليق بتاريخه وتضحياته.
هذا القائد لم يطلب يومًا مكافأة، ولم يتقاضَ ثمنًا لوفائه، لكن أقلّ ما يُمكن فعله اليوم أن يُعاد له الاعتبار، وتُخلّد ذكراه في وجدان الدولة والمجتمع.
كلمة وفاء
سلامٌ على روحك يا توفيق الوقار، أيها القائد الذي علّمنا أن القيادة موقف، وأن الشهادة شرف لا يطالها سوى الأحرار. نم قرير العين، وستظل ذكراك حاضرة، وديونك وصمة على جبين من تنكّر لجميلك حيًّا، وتخاذل عنك شهيدًا.
ولا نامت أعين من خذلوك، ولا هان فينا من نكر وفاءك.
إرسال تعليق