صدى الواقع اليمني - كتب : حسين الشدادي

في لحظة عابرة لكنها نابضة بالصدق والإنسانية، أظهرت كاميرات الإعلام حركة عفوية من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لحظة إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن رفع العقوبات المفروضة على سوريا. وضع الأمير يده على صدره، في تعبير صامت ولكنه بالغ الدلالة، حمل بين طياته رسالة أعمق من كل التصريحات الرسمية: المملكة تشعر بآلام أشقائها، وتفرح لفرجهم، وكأن معاناة الشام كانت هماً ثقيلاً على قلب الرياض.
تلك الحركة لم تكن بروتوكولاً سياسياً ولا مجاملة دبلوماسية، بل كانت انعكاساً صافياً لروح القائد الذي يرى في العرب إخوة لا جيراناً، ويجسد في كل تصرفاته معاني الأخوّة والوفاء والريادة. ولعل من يعرف المملكة العربية السعودية، وتاريخها، ومواقفها، يدرك تماماً أن هذه اللفتة لم تكن مفاجئة، وإنما امتداد طبيعي لسياسات رجل أعاد تعريف موقع بلاده في العالم، وجعل من العروبة ركيزة في قراراته كما جعل من الحزم مبدأ في رؤيته.
الأمير الذي قاد النهضة
محمد بن سلمان، ولي عهد المملكة العربية السعودية، هو بلا شك أحد أبرز الشخصيات القيادية في العالم اليوم. في سنوات قليلة، قاد نهضة غير مسبوقة في الداخل السعودي، وضع المملكة على خارطة التغيير والحداثة، عبر "رؤية السعودية 2030"، التي لا تزال تجني ثمارها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حتى اللحظة.
فتح قطاعات جديدة، تنوع الاقتصاد بعيداً عن الاعتماد على النفط، وأطلق مشاريع عملاقة مثل "نيوم"، و"ذا لاين"، وجعل من الاستثمار في الإنسان السعودي محوراً أساسياً في نهضته. تراجع معدل البطالة، وارتفعت مساهمة المرأة في سوق العمل، وتحولت المملكة إلى مركز جذب عالمي للسياحة، والثقافة، والرياضة.
ولم تكن هذه التحولات محل إعجاب الداخل فقط، بل نالت إشادة دولية واسعة، كان أبرزها من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، الذي وصف الأمير محمد بن سلمان بأنه "رجل ينجز ما يقول"، وأنه "يحمل رؤية واضحة للمستقبل ويعمل على تنفيذها بلا هوادة".
قائد بمسؤولية عربية
لكن ما يميّز محمد بن سلمان، أن مشروعه لا يقتصر على السعودية وحدها، بل يمتد إلى عمقه العربي والإسلامي. فلطالما كانت المملكة – بقيادته – في مقدمة الداعمين للدول العربية التي واجهت أزمات. في اليمن، وقفت المملكة بثقلها إلى جانب الشرعية والشعب اليمني ضد انقلاب ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، وقدّمت دعماً سخياً تجاوز عشرات المليارات من الدولارات، إلى جانب تضحيات أبنائها من الجنود الذين سالت دماؤهم على تراب اليمن دفاعاً عن القيم العربية والهوية اليمنية.
وفي سوريا، كانت المملكة أول من نادى بوقف المأساة، ودعت إلى حل سياسي يحفظ وحدة الأرض وكرامة الشعب. وفي فلسطين، لم تتغير ثوابت المملكة، بل ظلت القضية الفلسطينية حاضرة في قلب قيادتها. وفي لبنان، والعراق، والسودان، وغيرها، لا تزال المملكة تبادر بالدعم السياسي والإنساني.
المملكة.. وفاء لا ينضب
من يعرف تاريخ المملكة، يدرك أنها لا تتاجر بقضايا العرب، ولا تزايد على دموعهم، بل تقف معهم في الشدائد، وتفرح لفرجهم، وتحزن لمآسيهم. والمواقف العفوية لولي عهدها، كما حدث مع رفع العقوبات عن سوريا، تؤكد أن هذه البلاد الكبيرة في جغرافيتها، الأكبر في روحها، لا تتعامل مع السياسة كأوراق، بل كمشاعر ومسؤولية وأخلاق.
ولذلك، فإن محمد بن سلمان ليس فقط أمير التحول والنهضة، بل هو أيضاً أمير الوفاء، وصوت العرب الجديد، الذي يحمل همهم، ويصوغ حاضرهم، ويخطو نحو المستقبل بثقة، على قاعدة من التاريخ، والهوية، والمبادئ.
في زمن المواقف الرمادية، كان محمد بن سلمان واضحاً، صريحاً، جريئاً. وفي زمن الأزمات، كان حاضراً، داعماً، وفياً. وبين كل ما يقوله ويفعله، هناك خيط واحد لا يتغير: الإيمان العميق بالعروبة، وبأن المملكة العربية السعودية هي قلبها النابض، وعقلها المدبر، وسندها في كل محنة.
إرسال تعليق