صدى الواقع اليمني - تقرير: حسين الشدادي

في سابقة خطيرة تعكس مدى استهتار ميليشيا الحوثي بمقدرات اليمن ومصالح مواطنيه، كشفت مصادر مطلعة في الخطوط الجوية اليمنية عن سلسلة من التجاوزات والانتهاكات الصارخة التي ارتكبتها الجماعة بحق الشركة الوطنية، كان آخرها إصدار بيان "سوقي" يفتقر لأبسط درجات المسؤولية ويزخر بالصفاقة والبجاحة السياسية.
اختطاف طائرات وتعريضها للقصف
بحسب المصادر، قامت الميليشيا، التي تسيطر على صنعاء ومطارها، قبل أقل من عام باختطاف أربع طائرات مدنية تابعة للخطوط الجوية اليمنية، وعطّلت حركتها الجوية وأجبرتها على البقاء في مطار صنعاء رغم تحذيرات دولية من خطورة إبقائها هناك في ظل التصعيد العسكري في المنطقة.
الطائرات الأربع لم تكن وحدها في مرمى الخطر، حيث كانت هناك ثلاث طائرات أخرى في مطار صنعاء: إحداها متوقفة للصيانة، وأخرى طائرة شحن، إلى جانب طائرة "بوينغ 727" متهالكة. جميعها تعرضت إما للتدمير الكلي أو لأضرار جسيمة نتيجة القصف، في وقت كانت فيه الميليشيا تحتفل بلا مبالاة على وقع الدخان المتصاعد من احتراق أسطول وطني طالما خدم الشعب اليمني.
نهب المداخيل ورفض التنسيق
لم تكتفِ الجماعة الحوثية بتدمير الطائرات، بل مارست سلوكًا لصوصيًا مستمرًا، حيث رفضت على مدى عام كامل تحويل إيرادات مبيعات تذاكر الرحلات الجوية من صنعاء إلى الحسابات الرسمية للشركة في العاصمة المؤقتة عدن، في خرق فاضح لكل الأعراف الإدارية والقانونية.
وتؤكد تقارير الشركة أن الميليشيا صادرت عشرات الملايين من الدولارات من عائدات مبيعات تذاكر الرحلات من مطاري عدن وسيئون، ولم تكتفِ بذلك بل رفضت أيضًا المساهمة بجزء من تلك الإيرادات في سداد قيمة طائرة جديدة تم شراؤها من قبل إدارة الشركة في عدن لتعويض خسائر الأسطول.
بيان وقح بعد الجريمة
وفي خطوة مستفزة، خرجت الجماعة مؤخرًا ببيان مليء بالتضليل والوقاحة، تندد فيه بما وصفته بـ"الاعتداء" على الطائرات، دون أن تشير إلى مسؤوليتها الكاملة عن تعريضها للخطر بإبقائها رهائن في منطقة عسكرية خطرة، ورفضها نقلها إلى مناطق آمنة أو تسليمها للجهات الشرعية المعترف بها دوليًا.
وتثير هذه الخطوة استغراب الشارع اليمني، خصوصًا مع إقدام الميليشيا على فتح حجوزات الرحلات الجوية من صنعاء على ما تبقى من أسطول الشركة، في محاولة لاستغلاله دون دفع أي مقابل، وكأنها لم تساهم في تدمير النسبة الأكبر من الطائرات.
دعوات لنقل الملاحة إلى عدن
توالت الدعوات في الأوساط الرسمية والإعلامية لتسريع إجراءات نقل منظومة الملاحة الجوية بالكامل من صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن، ووضع حد لتحكم الميليشيا بمفاصل النقل الجوي، في ظل ما وصفوه بـ"التخريب المتعمد" لقطاع الطيران المدني.
ويرى مراقبون أن تأخر الحكومة في اتخاذ إجراءات حاسمة لنزع إدارة الطيران من يد الجماعة يُعد تواطؤًا أو تقاعسًا غير مبرر، لا سيما بعد الخسائر التي تكبّدتها الشركة الوطنية والتي كلفت الدولة ملايين الدولارات وحرمت مئات الآلاف من اليمنيين من خدمات النقل الجوي.
إن ما جرى للطيران اليمني ليس إلا حلقة من سلسلة طويلة من الجرائم التي ترتكبها الميليشيا الحوثية بحق الشعب اليمني واقتصاده الوطني. فبينما يقدّم أبناء اليمن أرواحهم في سبيل استعادة دولتهم، تُمعن هذه العصابة في تقويض ما تبقى من مؤسسات الدولة، متكئة على وقاحة استثنائية وصفاقة لا تعرف الحدود.
إرسال تعليق