صدى الواقع اليمني – متابعات
في كشف صادم يهز الأوساط السياسية، أزاح تقرير أمريكي الستار عن “فوضى عارمة” تضرب المشهد الإعلامي المصري! بينما تتصاعد حدة الحرب الإسرائيلية ضد إيران، تواصل وسائل الإعلام المصرية، بشكل مثير للجدل، ضخ خطاب ناري مناهض لإسرائيل، في تناقض صارخ مع محاولات الحكومة اليائسة لكبح جماح هذه الروايات الشعبوية المتفجرة.
تقرير مجلة “ناشونال إنترست” المثير للجدل لم يكتفِ بالكشف عن الارتباك، بل فضح “تناقضاً متنامياً” يمزق النسيج السياسي المصري! فبينما تسعى القاهرة لتحقيق مصالحها الجيوسياسية الحيوية، تتغاضى أو حتى تدير خطاباً إعلامياً يهدد بتقويض مصداقيتها الدبلوماسية الهشة في خضم بحر من التوترات الإقليمية المتصاعدة.
ولتقديم دليل دامغ على هذا التناقض المذهل، أشار التقرير إلى حادثة رمزية هزت الرأي العام: سلسلة مطاعم مصرية عملاقة، معروفة بطبق الكشري الوطني، نشرت صورة ترويجية صادمة. الصورة، التي بدت وكأنها قفزة جريئة في عالم الذكاء الاصطناعي، عرضت طبق الكشري الشهير مرتباً على شكل صاروخ، وذلك في اليوم السادس تحديداً من عملية “الأسد الصاعد” الإسرائيلية ضد إيران في يونيو 2025. هل كانت رسالة خفية أم استفزازاً متعمداً؟
لم تمر الصورة مرور الكرام! فقد فُسرت على نطاق واسع كإعلان دعم صريح لإيران، لتتحول إلى وقود تشتعل به وسائل الإعلام الإيرانية، التي احتفت بها بشكل هستيري، زاعمة زوراً وبهتاناً أن إسرائيل هددت المطعم. لكن التقرير يحمل تحذيراً خطيراً: هذا الخطاب الإعلامي، الذي يبدو شعبوياً في ظاهره، هو في الحقيقة قنبلة موقوتة تتعارض بشكل جذري مع مصالح مصر الاستراتيجية! فإيران، التي تشكل تهديداً اقتصادياً وأمنياً وجودياً للقاهرة، تسعى بلا هوادة لتحقيق أهداف إقليمية تتصادم بشكل مباشر مع طموحات مصر.
لكن الصدمة الأكبر تكمن في أن هذا التناقض المدمر ليس وليد اللحظة! بل هو انعكاس لاستراتيجية قديمة، محفوفة بالمخاطر، تهدف إلى التوازن بين الخطاب الشعبي الملتهب والسياسة الرسمية الهادئة. ومع ذلك، يحذر التقرير بشدة من أن هذا التوازن أصبح “غير مستدام” على الإطلاق في ظل التحديات الراهنة التي تلوح في الأفق. فاستمرار هذا الارتباك الإعلامي الكارثي يهدد بتقويض السياسة الخارجية المصرية بشكل لا رجعة فيه، خاصة في علاقاتها الحساسة مع الشركاء الإقليميين والدوليين، مما سيضعف، بل يدمر، دورها المحوري كوسيط لا غنى عنه في الصراعات الإقليمية المشتعلة، وعلى رأسها مفاوضات غزة المعقدة.
يأتي هذا التقرير المتفجر في خضم تصاعد غير مسبوق للتوترات الإقليمية، التي انفجرت بعد هجمات 7 أكتوبر 2023 المروعة التي نفذتها حماس. تلك الهجمات أشعلت حرباً إسرائيلية مدمرة على غزة، حصدت أرواح أكثر من 56 ألف فلسطيني وأصابت 132 ألفاً آخرين، وفقاً للأرقام الصادمة لوزارة الصحة في غزة. وفي يونيو الجاري، صعّدت إسرائيل من حدة الصراع بتنفيذ عملية “الأسد الصاعد” الجريئة ضد منشآت نووية إيرانية، مما فجر موجة من ردود الفعل المتباينة، بل المتضاربة، في جميع أنحاء المنطقة.
ورغم كل هذا، لا تزال مصر تتمتع بدور دبلوماسي “محوري” و”بارز” كوسيط لا غنى عنه في قضايا المنطقة الشائكة. القاهرة، التي استضافت محادثات وقف إطلاق النار المصيرية في غزة، وشاركت بفاعلية مع قطر في جهود وساطة مضنية بين إسرائيل وحماس، تجد نفسها الآن في مواجهة تحديات داخلية هائلة في إدارة الرأي العام الملتهب. فبينما يتدفق التعاطف الجارف من قلوب الكثير من المصريين تجاه الفلسطينيين، وتتزايد معارضتهم الصريحة لإسرائيل، تحاول الحكومة جاهدة الحفاظ على علاقات دبلوماسية دقيقة مع إسرائيل بموجب اتفاقية كامب ديفيد، في رقصة بالغة التعقيد على حافة الهاوية.