صدى الواقع اليمني - تقرير: إدريس قاسم

في مشهد يعكس النكران والخذلان الذي تمارسه جماعة الحوثي بحق من يخدمون مشروعها السلالي، تقف قصة الشيخ مطيع محمد دبوان الدعيس، أحد أبرز مشايخ منطقة المخلاف بمديرية شرعب السلام، شاهدة على المصير الذي ينتظر كل من يركن لهذه المليشيا ويغتر بوعودها الزائفة.
البداية: انخراطٌ مبكر في المشروع السلالي
التحق الشيخ مطيع الدعيس مبكرًا بصفوف الحوثيين بعد انقلابهم على الدولة اليمنية عام 2014، متجردًا من انتمائه للجمهورية وتاريخه القبلي المعروف في منطقة شرعب. انخرط بحماسة في مشروعهم الطائفي، معتقدًا أنه سيحظى بمكانة خاصة في صفوفهم، وأن التضحيات التي سيقدمها ستفتح له أبواب النفوذ والمكاسب.
على مدى سنوات، قدم الدعيس قوافل من المقاتلين من أسرته ومحيطه، بل أرسل نجله الأكبر "قصي" إلى جبهات القتال، تنفيذًا لأوامر المليشيا، التي لم تكن ترى فيه سوى أداة لتنفيذ أجنداتها.
النقطة الفاصلة: خذلان في وضح النهار
في إحدى النقاط العسكرية التابعة للحوثيين بين محافظتي البيضاء وشبوة، كان قصي الدعيس يؤدي مهامه مع زملائه المقاتلين، عندما اعترضوا مسلحين حوثيين حاولوا نهب معدات النقطة العسكرية. الاشتباك الذي تلا ذلك أسفر عن مقتل اثنين من المعتدين، ليبدأ بعده فصل جديد من الظلم والخذلان.
بدلًا من إنصافهم والدفاع عنهم، أقدمت المليشيات على اعتقال قصي وزملائه، ولفّقت لهم تُهمًا باطلة، وأصدرت بحقهم حكمًا بالسجن ثلاث سنوات، قضوا منها عامًا كاملًا أثناء المحاكمة.
لكن الصدمة الأكبر جاءت بعد انقضاء فترة الحكم، حيث لا يزال قصي معتقلًا منذ أكثر من ستة أشهر دون أي مبرر قانوني، في انتهاك صارخ لكل المعايير الإنسانية والقانونية، ما يفضح زيف شعارات العدالة التي تتغنى بها الجماعة.
النتيجة: نكران جميل وإذلال للحلفاء
وجد الشيخ مطيع نفسه اليوم مرميًا في زاوية الإذلال والنكران، بعد أن ضحى بكل ما يملك في سبيل جماعة لم تر فيه أكثر من "زنبيلي" يؤدي مهمة مؤقتة. لم تشفع له خدماته ولا دماء أبنائه، ولم يجد من الحوثيين سوى التنكر والخذلان، بل حتى المطالبة بالإفراج عن نجله باتت من المحرمات التي قد تكلّفه أكثر مما خسر.
إن الدعيس، الذي كان يظن أنه يؤدي واجبًا مقدسًا حين كان يهتف للحوثي في كل محفل، يُدرك اليوم أنه مجرد رقم استُهلك وانتهى، شأنه شأن المئات من أبناء القبائل الذين خدعتهم الشعارات الزائفة وانتهى بهم المطاف في السجون أو المقابر، دون أن ترف للجماعة عين.
رسالة للمترددين: لا مستقبل مع جماعة لا وفاء لها
قصة مطيع الدعيس ليست حالة شاذة، بل هي نموذج متكرر في مناطق سيطرة الحوثيين، حيث يلقى الحلفاء نفس مصير الخصوم إن انتهت صلاحيتهم أو تجرأوا على المطالبة بحقوقهم.
وهنا تبرز دعوة صادقة لكل من لا يزال يراهن على هذه الجماعة السلالية من مشايخ ووجهاء ومواطنين، أن يفيقوا من وهم الشراكة الزائفة، وأن يدركوا أن المليشيا لا تحترم إلا من يواجهها، ولا تكرم إلا أبناء السلالة، فيما تزدري من سواهم وتصنفهم كـ"زنابيل" لا قيمة لهم في مشروعها العنصري.
إن حادثة اعتقال قصي الدعيس، والخذلان الذي تعرض له والده، تُمثّل درسًا مريرًا لمن يظن أن خدمة الحوثيين تجلب النفوذ أو الحماية. فهؤلاء لا يرون في الآخرين سوى أدوات قابلة للاستخدام والرمي، ويؤمنون فقط بنقاء السلالة وحقهم الإلهي في الحكم، أما البقية فمصيرهم كما قال الشاعر: "كرام إذا أقبلوا، وأذناب إذا أدبروا."
إرسال تعليق