صدى الواقع اليمني – تقرير: حسين الشدادي

في خروج إعلامي لافت، ردّ العميد طارق محمد عبدالله صالح، قائد المقاومة الوطنية وعضو مجلس القيادة الرئاسي، على حملة الانتقادات المتصاعدة التي وُجهت له مؤخرًا من قبل ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي، متهمًا بعضهم بتجاهل “التاريخ النضالي الطويل” الذي خاضه ورفاقه في مواجهة جماعة الحوثي منذ سنوات ما قبل انقلاب 2014.
وقال طارق صالح في تصريحات له عبر فيديو انتشر مؤخرا.
“قاتلنا الحوثي من أيام معارك مرّان، وعاد بعضكم في المزبى! فرضت علينا أوضاع معقدة في صنعاء واضطررنا لمسايرتهم للحفاظ على المؤسسات، وكانوا يخافوا منا أكثر من خوفهم من التحالف.”
معارك ما قبل الانقلاب.. والبدايات في مرّان
تشير تصريحات طارق إلى معارك الحرب الأولى في صعدة عام 2004، حين بدأت المواجهات المسلحة بين الدولة وجماعة الحوثي في منطقة مران بقيادة مؤسسها حسين بدر الدين الحوثي. وكان طارق حينها ضمن أذرع الحرس الجمهوري، وتورط في معارك ميدانية مبكرة ضمن جبهة صعدة، بحسب ما ورد في تقارير متعددة، منها ما نُشر في موقع “المصدر أونلاين” و”نيوز يمن”.
ورغم تكتمه سابقًا عن تفاصيل مشاركته المباشرة، إلا أن تصريحه الأخير يُعدّ أول إقرار علني بقيادته معارك ميدانية ضد الحوثيين قبل أن تتعقّد الأوضاع لاحقًا.
صنعاء.. “مسايرة اضطرارية” للحفاظ على الدولة
وفي الجزء الأهم من تصريحه، عاد طارق صالح إلى سنوات تواجده في العاصمة صنعاء قبل اندلاع أحداث ديسمبر 2017، مشيرًا إلى أنه ورفاقه اضطروا إلى “مسايرة” الحوثيين سياسيًا داخل المؤسسات من أجل الحفاظ على مؤسسات الدولة التي حاولت الجماعة اختراقها.
وقال:
“لم نكن نملك الغطاء الكامل ولا القوة الكافية، لكننا كنا نشكل هاجسًا لهم. الصماد كان على وشك الخروج من صنعاء خوفًا من الانفجار قبل أن تتقلب الطاولة.”
ويُقصد هنا بالرئيس السابق لما يسمى “المجلس السياسي الأعلى”، صالح الصماد، الذي لقي مصرعه لاحقًا بغارة للتحالف في الحديدة عام 2018.
أحداث ديسمبر.. وغياب الإسناد
كما تطرق العميد طارق إلى انتفاضة ديسمبر 2017 التي قادها الرئيس الراحل علي عبدالله صالح ضد الحوثيين، مؤكدًا أن الانتفاضة كانت تفتقر إلى “التنظيم والإسناد الكامل”، وأنه لولا هذا القصور لكان بالإمكان “دحر الحوثيين من صنعاء”.
وأكد بالقول:
“حركة ديسمبر لم تكن منظمة، ولم تُسند الإسناد الكامل، وإلا كنا بندحرهم من صنعاء.”
وقد انتهت تلك الانتفاضة باغتيال علي عبدالله صالح، ودفع طارق بعدها ثمنًا باهظًا خلال فترة اختفائه قبل أن يظهر مجددًا في مدينة عدن أواخر 2018 ويعلن تشكيل “المقاومة الوطنية – حراس الجمهورية”.
ردًا على الانتقادات
يأتي هذا التصريح في سياق حملة من الانتقادات طالته مؤخرًا، لا سيما على خلفية مواقفه من بعض الملفات السياسية والعسكرية، واتهامه من قبل خصومه بـ”الانكفاء” في جبهة الساحل الغربي، بينما تتصاعد التوترات في جبهات مأرب وتعز والضالع.
ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي شككوا في “جدية” مقاومته للحوثيين، وتساءلوا عن دوره السياسي والعسكري الحقيقي، خصوصًا بعد دخوله في تركيبة مجلس القيادة الرئاسي الذي يُتهم من قبل بعض الأوساط الشعبية بـ”الجمود”.
لكن طارق يرى أن هذه الحملة تستهدف تشويه تاريخه النضالي، مؤكدًا أن حساباته العسكرية والسياسية “مرهونة بالمعطيات الوطنية والمصلحة العليا”، وليس بالمزايدات.
في وقت يزداد فيه الاحتقان بين القوى الجمهورية المختلفة، وخاصة مع تراجع العمليات الهجومية ضد الحوثيين، تأتي تصريحات طارق صالح محاولة واضحة لإعادة صياغة رواية ديسمبر ودوره المبكر في مواجهة جماعة الحوثي، لكنه يفتح في ذات الوقت بابًا جديدًا للجدل، حول تقييم تلك المرحلة، وما إذا كان بالفعل بالإمكان دحر الحوثيين في صنعاء لو توفر الإسناد المطلوب، أم أن “مسايرة” الجماعة حينها كانت قرارًا خاطئًا مكّنها من بسط نفوذها على مؤسسات الدولة.
🔗 رابط مختصر: